

أحمد سليمان النجار
هل مازال جمع المذكر سالم ؟!
بقلم: أحمد سليمان النجار
⚠️ تعهد :
أتعهد أنا الرجل , بأن قراءتي لهذا المقال ستكون على مسؤوليتي الشخصية .
البداية :
أنت ذكرٌ أم رجل ؟
هذا السؤال الساذج مَثّلَ مُقدمة أكثر سذاجة لنتيجة غارقة في السطحية حتى أذنيها ..!!
وتلك النتيجة هي : أن كل رجل ذكر , ولكن ليس كل ذكر رجل ..!!
وهذه النتيجة التي قسمت الذكور لفريقين اثنين , على حسب الرجولة وماتحمله من معاني النبل والشجاعة والالتزام والوفاء .. وغير ذلك , ففريقٌ : رجال حقاً , وفريقٌ : مُجرد ذكور يفتقرون لصفات الرجولة ..!!
وصاحب هذه النتيجة ولكي يُدلِلُ على هذا الاكتشاف العبقري , استعان بالقرآن الكريم , فجاء بقوله تعالى :
( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) ووضعها بنفس سياق الآية ( رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) , ووجد كلمة رجل تكررت في الآيتين فـ( هبدنا ) بما يلي :
عندما تحدث الله عن الميراث والذي ليس فيه موطن صبر وإثبات رجولة , فإنه سمى الوارث ذكراً ولم يسمه رجلاً , ولكنه - سبحانه - عندما أراد التحدث عن الصدق والثبات , فإنه استخدم لفظة ( رجل ) ..!!
ثم لبستْ المُستنتج روح أرسطو وقال مؤكداً :
إذاً ليس كل ذكر رجل ..!!
( ياحليلك ..!! 😁)
ونقول : بداية , لفظة ( رجل ) تُستخدم في القرآن لبيان النوع مصحوباً بتوضيح للفئة العمرية فقط , وليس فيها تحديد بذاتها لأي صفات حسنة أو سيئة , بل السياق الذي تأتي فيه هو مايحدد ذلك ..
ولو عدنا للقرآن الكريم لوجدنا أن لفظة ( رجل ) وردت فيه أكثر من ( ستين ) مرة , في مواضع مختلفة وسياقات متباينة , بعضها معيشي صِرف , وبعضها مدح وبعضها ذم ..!!
ولكن - وبعيداً عن المقدمة ونتيجتها - فإن هذا التقسيم كان أول مسمار دُقَّ في نعش الذكور , فمن خلاله تم تقسيمهم إلى فريقين , الأول : رجال فعلاً , وليس هم المقصودون بأي ردود أفعال تقوم بها المرأة , بل هم موضع تقدير المرأة واحترامها , والثاني : ذكور فقط , وهؤلاء هم المستهدفون بكل الحملات النسائية المُسلحة ضدهم , وهم مستحقون لذلك , حتى في نظر الفريق الأول من الذكور الرجال ..!!
هذا التقسيم كان فخاً وقع فيه الذكور , وتركوا كثيراً منهم - كما يرى البعض - عرضة للافتراس , بناء على هذا المنطق , ولكنهم صدموا - فعلاً - بأنهم سيكونون الهدف الثاني , بعد الثور - قصدي الرجل - الأبيض ..!!
وهذا يقودنا فعلاً لسؤال :
هل المرآة الآن تخوض حرباً ضروساً شعواء ضد الذكر ؟ وهل مازال جمع المذكر سالماً ؟ وهل هناك تحركات نسائية مقصودة ضد الرجل ومستهدفة له ؟!
في ظني - ولست ثوراً - أقصد رجلاً أحمر - أن هذه الحرب تدور فقط في شعور بعض الرجال , ومرد ذلك الشعور أمور عدة , ومنها :
سرعة وتيرة التغيرات الاجتماعية وكثرتها في هذا العهد المبارك الذي أعاد للمرأة كثيراً من حقوقها ، وأشركها - فعلياً - في بناء الوطن , والذي أعطى للمرأة مساحات واسعة لم تكن متاحة لها في السابق , ومنحها قدرات لم تكن تملكها في السابق - في جوانب حياتية كثيرة - ومكنها من إدارة حياتها الخاصة باستقلالية أكبر , بدءاً بقيادة السيارة , والقدرة المالية , وليس انتهاء بالوصول لمناصب أعلى من الرجل , وبل باتت - حرفياً - تُديره في عمله في بعض الحالات , وقد طُرحتْ هذه الفكرة قديماً في فيلم ( مراتي مدير عام ) والذي أنتج في عام 1966 للميلاد ..!!
ومما زاد طين ذلك الشعور بلة عند بعض الرجال , هي تلك الحروب الافتراضية التي يقودها البعض في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة - بقصد أو بغير قصد - والموجهة ضد الرجل , لزعزعة مكانته في الأسرة , بل وفي بعض الأحيان لشيطنته وإظهاره بمظهر العدو والعائق الذي يقف أمام تطور وتقدم المرأة , وليس ذلك حُباً في المرأة ولا حرصاً عليها , ولكن رغبة في إفقادها درع من أهم دروع حمايتها , فكما المرأة هي درع المجتمع وحصنه الحصين , فكذلك الرجل درع حماية للمرأة , ولايعني ذلك ضعفها ولا أنها بحاجة لتلك الحماية لقصور فيها , ولكنها هكذا الحياة , نحن دروع نحمي ونقوي - بالحب - بعضنا..!!
ومما لايصح أن نغفله أن من أحد الأسباب , حرص بعض النساء على إظهار التشفي عند خروج الرجل من حياتها , وليس أدل على ذلك من حفلات الطلاق والخلع المنتشرة , وفي ذلك حديث طويل ليس مكانه هنا ..
والآن عزيزي الرجل سأقول أمراً ، ولكن أذكرك - أولاً - بالتعهد الذي وقعته قبل قراءة هذا المقال :
على الحقيقة كُنا نحن الرجال - أو بعضنا على الأقل - من أكبر أسباب تلهف كثير من النساء وهرعهن لأي تغيير يقلل مساحة وجودنا في حياتهن , وذلك لأن بعضنا أساء استغلال المركز الجيد للرجل في حياة المرأة , فكان - حقاً -عائقاً ومانعاً وعاضلاً ومُستغلاً , تارة بُحسن نية , وتارة بسوء نية وبحجة حمايتها حتى من نفسها في بعض الأحيان ..!!
بل إن البعض تجرأ على دين الله وقام بتفصيله على مقاس عقليته الذكورية , وحولَ مايراه هو - من فكره الضيق المحدود - إلى أحكام دينية حاصرت المرأة وضيقت عليها الخناق , وجعل رفضها لذلك ليس رفضاً لعقليته هو , بل حولها لمواجهة مباشرة مع الله عزوجل , فهي إن رفضت فهي ترفض حكم الله , وليس حكمه وعقليته هو ..!!
كل ذلك الضغط جعل انفجار المرأة الشديد أثناء تحركها لحصولها على حقوقها , وكأنه حرب موجهة ضد الرجل وليس لاستعادة بعض حقوقها ..!!
ولكن مما يطمن الإنسان ، أن هذه التغيرات ستأخذ مسارها ثم ستُعيد تركيب المجتمع بشكل عام ليُصبح مُتماهياً معها , وبذلك يقل الصراع ويختفي في بعض الأحيان ..
في الختام :
كوني كاتب هذا المقال , لم أقم بتوقيع التعهد الذي في أوله 😁 , ولذلك سأقول بارتياح :
إني مؤمن كل الإيمان , أن الله لو شاء لخلق كل الخلق ذكوراً , ولو شاء لخلق كل الخلق إناثاً , ولكنه بحكمته وترتيبه خلق النوعين , وجعل لكل نوع مهمة سامية راقية حساسة لا يستطيع القيام بها على أكمل وجه , النوع الثاني مهما بلغ علمه وقوته وقدرته , وأنه - سبحانه - من أجل ذلك منح كل نوع ، صفات وخصائص ومميزات وقدرات تُعينه على أداء مهمته بنجاح , ولكن هذا لايمنع تعاون النوعين في نفس المجال لأداء نفس المهمة , ودون حروب ..
📌ملاحظة :
قد أتأخر في الرد على التعليقات إلى بعد الانتهاء من ( غسل المواعين ) .. 🍴🍵🫖

