النهار

٠٣:٥٣ م-١٥ مارس-٢٠٢٥

الكاتب : النهار
التاريخ: ٠٣:٥٣ م-١٥ مارس-٢٠٢٥       15180

بقلم: أحمد سليمان النجار

تروي طُرفَةٌ عن كسولٍ أنه كان - ومن شدة كسله - لايستطيع تحمل مشقة رفع رأسه , فيمشي دائماً مُلقياً رأسه للأسفل , وذات مرة دخل عند حلاق , وعندما جلس على كرسيه , قال له : ( شنب ودقن ) فقال له الحلاق : ( طيب ارفع رأسك ) , فقال الكسول بتثاقل : 

(  خلاص شعر ..!!) 😁

هناك استراتيجية ثلاثية المراحل قديمة ومتكررة , وتُستخدم كثيراً عند مُحاربة أي كيان , ولكي تتضح هذه الاستراتيجية , سأقوم باستدعاء كيان الإسلام عند نشأته كنموذج , ونرى هل طُبِقَتْ ضده هذه الاستراتيجية الثلاثية أم لا ؟

وهي - وكما أسلفت - لم تُستخدم ضد الإسلام فحسب , بل هي تُستخدم ضد أي كيان , بغض النظر عن توجه هذا الكيان وكينونته , فعندما بدأ كيان الإسلام في النشأة , بدأت هذه الاستراتيجية من أعدائه , وكانت المرحلة الأولى منها هي : 

📌مرحلة التخويف : 

وقد تولى هذه المرحلة كفار قريش , عبر الترهيب والتعذيب , ولكن الكيان الإسلامي -بفضل الله - نجا منها ولم تؤثر فيه عميقاً , مما اضطر أعداءه أن ينتقلوا للمرحلة الثانية من الاستراتيجية , وهي :

📌مرحلة التشكيك : 

وقد تولى هذه المرحلة اليهود عندما انتقل المسلمون للمدينة وصارت لهم دولة وصار من الصعب ممارسة المرحلة الأولى عليهم , طفق اليهود يشككون في الدين وثوابته ويرسلون الشائعات ويروجون للأكاذيب , وبسبب قوة تماسك المسلمين والتفافهم حول قيادتهم وإيمانهم العميق بربهم , لم تؤتٍ هذه المرحلة أُكلها , فانتقل الأعداء إلى  ( ليفل الوحش ) حرفياً , وإلى المرحلة الأخطر والأقوى والأكثر تأثيراً على الاطلاق , وهي : 📌إفساد ذات البين : 

والتي حذر منها الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل وسماها بالحالقة ..!!

فعن أبى هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: 

( والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تسلموا ، ولا تسلموا حتى تحابوا، أفشوا السلام تحابوا، وإياكم والبغضة فهي الحالقة ، لا أقول لكم تحلق الشعر، ولكن  تحلق الدين )

فهذه المرحلة , هي المُنتشرة حالياً وبكثرة , بين كثير من الشعوب الإسلامية والعربية , فيكفي أن تدخل إلى مواقع التواصل الاجتماعي , لتشاهد ذلك واضحاً وجلياً من كل الأطراف ..!!

سخرية وقذف وتشهير واتهامات بالجملة , وتحريض وتخوين واستعداء وتأليب بلا كلل ولاملل .!!!

وأياً كان من يقف خلف هذه المرحلة وماهدفه منها , إلا أنها -وللأسف - بدأت في النجاح , وذلك لأن من خطوات هذه المرحلة دحرجة كرة الثلج , لتكبر وتكبر وتكبر , ثم ستصل للمراد عبر استفزاز العقلاء من كل الأطراف , فتجرهم لمعارك تلك المرحلة , ودعهم هم يتولون تنفيذ هذه المرحلة , وستكبر النار وتنتشر , لتطال الجميع ..!!

 

وبداية , لابد من القول بإنه - وكما قال العم سعيد كُشنة رداً على ( اجاثا كريستي ) لاجريمة  كاملة , فالمتأمل في هذه المعارك سيلحظ التالي :

📍أولاً : 

من يتولى كبرها في البداية , هي معرفات لايُعرف -حقيقة - من يقف خلفها , ولاتعود لمن ..!! 

وينفخون على النار حتى تستعر , ثم تصل بحرها لقلوب أبناء هذه الشعوب , فستفزهم ، فيعلقون ويردون ويبادلون الاتهام بالاتهام , وهذا المطلوب ..!! 

📍ثانياً : التركيز على تصرفات سلبية فردية وسلوكات مرفوضة محدودة , وتضخيمها ونشرها والتعليق عليها , وتعميم نتائجها على كل أبناء شعب الشخص الذي صدرت منه ..!!

ولذلك نقول :

مامن شعب من الشعوب على وجه الأرض , بداية من ( الحِن والبِن )* وحتى وقتنا الحاضر , إلا وفيه الطيب والخبيث والعاقل والمجنون , وكل شعب عنده اكتفاء ذاتي بالعظماء والمميزين والمحترمين والعقلاء , وكذلك بالـ (دلوخ ) والمعاتيه والحمقى , والذي يشكو منهم حتى أبناء شعوبهم ..!!

ولكن -ولله الحمد -فالخير في الشعوب والطيب والنبل والإنسانية هو الأكثر , ولكن لايتم التركيز على كل ذلك , بل على العكس ، يتم اقتناص مواقف وكلمات شاذة , ونشرها لحاجة في نفس الأعداء ..!!

وواللهِ , أشهد الله , إني سافرت كثيراً وعاملت معظم أبناء الشعوب , ومارأيت من كثيرٍ منهم إلا خيراً وفضلاً وكرماً ونُبلاً , وأنا سعودي , ويشهد كل منصف عاقل رشيد , أن الشعب السعودي في معظمه نبيل وراقٍ وكريم ومضياف ومتسامح وخلوق , وكذلك معظم أبناء الشعوب المختلفة حفظهم الله ورعاهم ..

ووجود عينات شاذة لايعني أنهم كلهم كذلك , بل هذه العينات -وكما قلت - يرفضها حتى أبناء هذه الشعوب ..

📍ثالثاً : 

وكما قال عم سعيد ( كُشنة ) في روايته ( البوليسية ) الشهيرة : ( جريمة في بسطة الكبدة ) : 

في علم الجريمة , هناك قاعدة تقول : 

فتش عن المستفيد , فمن المستفيد من كل هذا ؟! ولماذا كل المعارك بين العرب وبعضهم , وليست بين العرب وبين غيرهم كالصهاينة مثلاً ؟!!

 

📝ومن هنا ننطلق للذي يجب أن ينتهجه الشخص العاقل وموقفه في هذه المعارك :

🖊️أولاً : 

الانشغال بعيوبك عن عيوب غيرك , والانشغال بإنجازاتك ومنجزاتك , وعدم الالتفات لغير ذلك , فمثلاً : الكل يشهد أن المملكة العربية السعودية قد حققت - بفضل الله ثم بفضل قادتها - بوقت قصير قفزات نوعية مميزة في كل مجال , وهذه قد تستجلب الكثير من الأعداء  ليمارسوا علينا هذه المرحلة , ويضعونا في مرمى النار , وهذا الكلام ينطبق أيضاً على جميع الشعوب ..

🖊️ثانياً :

كن أنت سفير شعبك , وتذكر دائماً أن هناك أعيناً ترقبك بتركيز يفوق مراقبة زوجة لزوجها في مكان مُختلط وهو ( يتميلح ) ..!!

لتقتنص منك كلمة أو هفوة أو سلوكاً , لتنشره وتستغله ضد أبناء شعبك كلهم ..!!

كما لابد أن يأخذ كل منا -وعلى حسب استطاعته - على يد كل من يصدر منه هذا السلوك  من أبناء شعبه , وأن ينصحه ويوعيه ويرشده ..!!

🖊️ثالثاً :

لدولتنا العظيمة أجهزة أمنية مختلفة يقظة ومتنبهة , وأبوابها مفتوحة للجميع , وتستطيع وبشكل حضاري إنساني أن ترفع لتلك الجهات شكواك ضد أي سلوك يصدر من أي شخص أياً كانت جنسيته , عبر خطوات تضمن التوثيق والسرية , وكذلك الحل بإذن الله , فما الفائدة من نشر هذا السلوك وبثه في مواقع التواصل الاجتماعي ..؟!!

🖊️رابعاً : 

تجاهل هذه المواقع وعدم متابعتها ومقاطعتها , والحرص على إبقاء القلوب سليمة لكل إخواننا من الشعوب , ورؤية الحسن والجيد منهم , وتذكر المواقف النبيلة , والعلاقات الجميلة , التي كانت وستظل دائماً تربطنا ببعضنا , وإن كنت مُصراً على أن تتلقى مثل هذه الأخبار , فأرجوك لاتكن كسولاً كمن دخل ( صالون الحلاقة ) في أول المقالة  , وارفع رأسك وحاول التثبت من الأمر والتأكد من صحته , وحتى وإن ثبت لك وتيقنت منه , فأرجوك لاتعمم , فكما يقول شكسبير ( صاحب بسطة البليلية اللي جنب بسطة عم سعيد ) : لايُعمم إلا الأغبياء ..!!

الحِن والبِن :"هم أول شعب سكن الأرض , كما يُنسب ذلك لابن عباس -رضي الله عنه - في رواية ضعيفة , يرويها مقاتل عن عكرمة عن ابن عباس.."