أحمد سليمان النجار 

٠٥:٢٣ م-٣١ يوليو-٢٠٢٥

الكاتب : أحمد سليمان النجار 
التاريخ: ٠٥:٢٣ م-٣١ يوليو-٢٠٢٥       8580

بقلم: أحمد سليمان النجار

حدثني صديقٌ لم يؤتَ حظاً من الوسامة، مما جعله ينضم إلى جماعة ( أهم شيء الأخلاق ..!!) قائلاً:

كنت (مغازلجياً ) خطيراً، وكنتُ إذا دخلتُ سوقاً ما، يركض النساء خلفي طوال الوقت حتى أغادر السوق ..!!

وطفق ( توم كروز ) النسخة الشعبية يتحدث عن طرق ( الغَزل ) القديمة, وكان يُشدد على أن ( الغمزة ) هي سيدة هذه الطرق بلا منازع , ثم استشهد ( بالغمزة السميرية التوفيقية العابرة للشياب ) كدليل على أثرها الفاتك ..!!

وعند سؤالي له عن سبب توقفه هذه الأيام , أجاب قائلاً : 

رجلاي ماعادت تقوى على الركض السريع ..!!

لم أعلم الرابط بين الأمرين إلا عندما صارحني بأنه كان يسرق حقائب النساء فيركضن خلفه , والآن ماعاد يقوى على ذلك ..!!

فلسفة ( الغزل ) بحد ذاتها ليست أمراً سلبياً , إنما السلبي في استخدامها فقط , فهي مهارة عظيمة للغاية . يستطيع مستخدمها - أياً كان موقعه - أن يجذب إليه أنظار فئة ما ، ثم يستميلهم لما لديه من أمرٍ مادي أو معنوي , حتى ولو فكرة ما , ثم يقنعهم به ويحولهم بعدها إلى مستخدمين أو مؤمنين أو داعين له ..!!

وما الإعلانات التجارية إلا ( غمزة ) للمستهلك , ومغازلة لعواطفه ومشاعره ليقتني تلك السلعة ..!!

وفي نظري - صوابي يحتمل الخطأ - أن التعليم , وبما له من أهمية بالغة وحاجة متزايدة وأثر فاعل في تقدم المجتمعات ونهضتها , بات أكثر حاجة لإتقان استراتيجية ( الغزل ) ليتمكن من تحقيق نتائج أفضل ومن الحصول على دعم أكبر , ولن يتم له ذلك إلا إذا قام بعقد شراكة فاعلة مع الآلة الإعلامية الضخمة والمؤثرة , لتمنحه قوة هائلة ووصولاً إيجابياً أكثر للفئات المُستهدفة , ليتحول هذا التعاون الذكي المدروس بعناية وبشفافية إلى جهاز قوي مؤثر يمزج بين التعليم والإعلام , ولنسمه اختصاراً ( التعلام ) ..!!

 هذا ( التعلام ) هو من سيكون جناح التعليم الذي سيحلق به في ميادين كثيرة , والمفتاح السحري الذي سيفتح له كثيراً من ألأبواب الهامة لنجاح المهمة التعليمية , وأضعف الإيمان أن يتمكن به من جذب المستهدفين الرئيسين , أهم ثلاثة أضلاع في التعليم – بلا منازع – المُتعلم والمعلم والأسرة ..!

سابقاً كان التعليم لايستمد قوته الحقيقية من الأنظمة والقوانين والعقوبات , بل كان يستمدها – فعلياً – من وقوف الضلعين الآخرين خلفه ، فالمتعلم عندما لايكون  راغباً في التعليم لما فيه من التزام وانضباط وخروج من منطقة الراحة الخاصة به , كان يقف في وجه التعليم , فلا يلبث أن يكتشف ضعفه ، فالتعليم كان قوياً للغاية , ليس بالأنظمة ولابالقوانين كما قلت – ولكن لأنه كانت تقف خلفه أقوى وأهم وأخطر مؤسسة في المجتمع ، وهي ألأسرة , وكان يقف خلفه جنود الميدان الأبطال من معلمين ومعلمات , فيتيقن المتعلم من ضعف جانبه وقوة جانب التعليم , ويُسلِمُ نفسه للتعليم فتنجح المهمة , ولكن الآن – وهذا تفكير بصوت عال مبني على محض ظن – لانعلم هل فقد التعليم هذه القوى التي كانت تقف خلفه , ولماذا فقدها ؟!!

وهل باتت قوة الضلع الثاني ( المعلم ) تحتاج إلى إعادتها لظهر التعليم , عبر قرارات ذكية ولغة جديدة وتعامل مختلف مبني على كونه شريك فعلي وفاعل ومؤثر في التعليم  وليس مجرد موظف بمهام آلية صرفة ..؟!

وهل غادرت ألأسرة - الضلع الثالث -  موقعها خلف التعليم لتتوجه خلف المتعلم في وقوفه أمام التعليم , فقديماً كانت الأسرة تُجبر المتعلم على الانصياع للتعليم حتى ولو لم يكن راغباً في ذلك , فهل أصبحت الآن تدخل في معركة مع التعليم لإجباره على الانصياع للمتعلم ؟!!

وهل فقد التعليم وسائل التواصل مع المتعلم , بسبب التغيرات الفكرية المتلاحقة والسريعة التي تحدث للمتعلم بشكل مستمر , وعجز التعليم - في أي مكان في العالم - عن اللحاق بها ؟!!

في نظري أن فرك مصباح الإعلام ليخرج مارده القوي فيكون في خدمة التعليم , هو الطريق الأنجع لاستمالة الأضلاع الثلاثة , والتأثير عليهم وكسب تأيديهم عبر إقناعهم بالأهداف التي يرغب التعليم في الوصول إليها , ليكونوا أدوات بناء إيجابية ..

وصحيح أن الإعلام القديم قد يحقق بعض النتائج الجيدة , ولكن المقصود هو الإعلام الحديث عبر وسائله الجديدة الواسعة الانتشار والقوية التأثير والتي تصل إلى أعمق نقطة في وعي ونفسية الجميع ودون تكاليف تُذكر ..!!

وليتحقق ذلك لابد من تكوين جهاز إعلامي حديث وذكي ومطلع أولاً بأول على خطوط سير وسائل التواصل الحديثة ضمن أطر من خطوط ومسارات تتسق مع قوانين وأنظمة هذه البلاد العظيمة , وهذا الجهاز لابد أن يخرج من المدارس نفسها للخارج  وليس العكس , عبر معلمين ومعلمات متمكنين من الإعلام وعبر طلاب وطالبات يتم تدريبهم وإعدادهم إعداداً ذكياً ليكونوا نواة ( التعلام ) , وقد يتضمن ذلك حتى الاستعانة ببعض المشاهير من المؤثرين ليكونوا سفراء لهدف أو فكرة تعليمية ما ..

 هذا ( التعلام ) سيحقق في طريقه أيضاً هدفاً رائعاً , عبر نقل الجهود الحقيقة والإنجازات المدهشة التي تُبذلُ وتتحقق في كل لحظة من اللحظات في كل زاوية من زوايا التعليم على يد المتعلمين وكل المنسوبين , وإذا لم يحدث ذلك لن يتعرف المجتمع على كل ذلك , وسيكون كل مايُبذل هو ( غَمزٌ في الظلام ) وكما يقال في المقولة الشعبية :

( مين شايفك يلي في الظلام تُغمز ؟!!)