أحمد سليمان النجار 

٠٩:٣٧ م-١١ ابريل-٢٠٢٤

الكاتب : أحمد سليمان النجار 
التاريخ: ٠٩:٣٧ م-١١ ابريل-٢٠٢٤       34980

( نمتطك بالصيف نمتطك بالشتي )..!!

بقلم:أحمد سليمان النجار

في ليلة حالمة مُقمرة , جلس زوج وزوجته ( من ربعنا ) على شاطئ ( برايا دا فاليسيا ) , فسمع الزوج , زوجاً أوروبياً يقول لزوجته بكل حب :
حياتي , هل ترين القمر ؟
فقالت بدلال : نعم , حبيبي .
فقال لها بكل رقة : أنتِ أجمل منه ..!!
فضحكت واحتضنته ..❤️
فالتفت حبيبنا لزوجته وقال لها :
يابنت , شايفة القمر ؟!!
فاعتدلت بجلستها وقالت بغضب :
ليه قالوا لك عميا ؟!!
أنا من يوم مانزلنا المطار وأنا شايفة عيونك بتطلع على الحريم يا ( توم كروز ) , مو كفاية أني متحملتك , وطلعت عيني لين جينا هنا ؟!! كمان ماصرت عاجبتك .....💔

هذه الطرفة ومثيلاتها , قد تكون دعابة بريئة ليس المقصود منها هدف بعينه , ولكنها ومع تكرارها وتكرار غيرها , وعبر مقارنة نوعين من البشر - زوجين (من ربعنا ) وزوجين أوروبيين في هذه الدعابة -  وإظهار الزوجين ( من ربعنا ) بمظهر غير مُحبب - حتى ولو على سبيل الدعابة - سيحدث نوعاً مما يُسميه علماء الاجتماع ب 
تنميط الشخصية
‏ ( Personality profiling ) ..!!
وتنميط الشخصية قد يكون عملاً ممنهجاً مقصوداً بحد ذاته , بغرض إلصاق صفة سلبية ما بفئة ما , عبر التركيز عليها بالدعابات أو الأعمال الدرامية وغير ذلك كثير , فمن الممكن أن نُنمط شخصية ما في ذهن الناس بأنهم أغبياء مثلاً أو بخلاء ، عبر عشرات الدعابات التي تُركز على هذه الصفات عبر المقارنة بغيرهم أو بغير مقارنة .., وقد تُقدَمُ تلك الشخصية بصفة سلبية ما عبر عشرات الأعمال الدرامية من أفلام ومسلسلات , لترتبط تلك الصفة بهذه الفئة , وكلما ذُكرتْ هذه الصفة تُذكَرُ هذه الفئة والعكس صحيح ..!!
وقد يأتي التنميط عبر التركيز على جوانب إيجابية عند فئة ما , وترك المُتلقي يُقارن هذه الجوانب بمجتمعه وبيئته , فيحدث عنده تنميط إيجابي للمجتمع الذي شاهده , وتنميط سلبي لمجتمعه , وقد يحدث ذلك دون تعمد للتنميط , كما قد يحدث عند التركيز على الجوانب الإيجابية في المجتمع الياباني - مثلاً - مع تجاهل مايعج به نفس هذا المجتمع من سلبيات- كالانتحار مثلاً -  حيث بلغ نسباً مُرعبة للغاية أوصلت اليابان إلى مصاف أكثر الدول انتحاراً في العالم , حتى أن هناك أماكن باتت قبلة للمنتحرين ، مثل غابة ( أوكيغاهارا ) اليابانية التي أصبح اسمها ( غابة الانتحار ) ..!!

'


وتنميط الشخصية كي يؤتي أُكلَهُ يحتاج إلى عاملين اثنين : 
1-    التكرار 
2-    الوقت 
وعامل الوقت كان الغرض منه هو الانتشار ,  وحالياً وبسبب وجود وسائل التواصل الاجتماعي (  Social Media ) , بات الانتشار أسهل وأسرع وبالتالي قلت الحاجة لعامل الوقت , وهذا كما يضعنا أمام مشكلة حقيقية , إلا أنه وفي نفس الوقت يمنحنا فرصة ذهبية وأقل كُلفة لتنميط شخصية مجتمعنا بالشكل الذي نُريده , وأن نكون أكثر حذراً من أن يتسبب سلوك ما , أو أعمال درامية ما في إحداث تنميط سلبي لنا في أذهان الغير , وبالذات أن العالم بات - فعلياً - قرية صغيرة ، وبات الجميع مُنفتح على الجميع , ولابد أن يعي كل مواطن مُحب - حقاً -  لوطنه ومنتمٍ لمجتمعه ، بخطورة كل مايصدر منه عبر هذه الوسائل , وأنه وعبر تكرر فعله و غيره , قد يكون مُساهماً - ودون أن يشعر - بإحداث تنميط سلبي لمجتمعه ووطنه ..!!
وهنا تأتي دور المؤسسات التعليمية في إيصال هذا الوعي لطلابها عبر برامج انتقائية واعية تُركز على مثل هذه الأمور ..
ومشكلة التنميط - أيضاً - أنه لايحدث بناءً على الأفعال فقط , بل حتى على ردود الأفعال , وبات من السهل قراءة النمط وتوظيفه بشكل إيجابي أو سلبي , فعلى سبيل المثال :
بات هناك نمط في طريقه للتشكل والرسوخ حول مجتمعنا , وسمته أنك إذا أردت لحسابك أن يشتهر ويتداول بشكل واسع للغاية قم بمدحنا أو ذمنا , وبات من السهل قراءة هذا النمط الشخصي وتوظيفه لكل من أراد ..!!
صحيح أن تنميط الشخصية كما يمكن تشكيله بسهولة - حالياً - يمكن تبديله بسهولة أيضاً , ولكن هذا يتم عبر عمليات واعية مقصودة ممُنهجة , فكلنا يذكر أن الصباح ولفترة طويلة هناك من حرص - ولحاجة في نفس انطوني - على ربط أغاني فيروز به ، حتى أصبح  - عند الكثيرين - نمطاً للصباح , القهوة وفيروز ..!!
ومشكلة التنميط أنه كثيراً مايكون ظالماً وغير صحيح , فقد تجد أن من التصق بهم نمط ما , هم عكسه تماماً , فالأغبياء عبر التنميط هم من أذكى خلق الله , وقس على ذلك ..
ولو عدنا للزوج ( الروالمنسي ) من ( ربعنا ) في الطرفة السابقة :
-    أصلاً أمك كذا مرة قالت قدامي أن أبوك كان يبغى يزوجك بنت عمك , وهي رفضت , كان تزوجتها ياحبيبي , أصلاً نفس تفكيرك , وحتى لو تحلق الشنب تصير شبهها ..!!
عفواً ، لاأقصد العودة لهذا العزف المنفرد , لكن لو عدنا لطبيعتنا النفسية والثقافية لوجدنا أنهما قد يفوقان كثيراً من الأوروبيين ( رومانسية ) وقدرة على التعبير عن الحب , ولكنه التنميط ..!!
وقبل أن نختم  نُهدي الزوج ( من ربعنا ) أغنية عبدالله محمد - يرحمه الله ويغفر له - أغنية :
 ( ياقمر تسلم لي عينك ..)😁