أحمد سليمان النجار 

١١:٠٢ ص-١٠ مايو-٢٠٢٤

الكاتب : أحمد سليمان النجار 
التاريخ: ١١:٠٢ ص-١٠ مايو-٢٠٢٤       27060

ذوي الاحتياجات ( الخايسة ) ..!!

قرأت كتاب ( كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس ) في سنٍ مُبكرة , وكانت أكثر عبارة علقتْ في ذهني هي عبارة مؤلفه ( ديل كارنيجي ) :
أنا أحب صيد السمك , وأحب كيك الشيكولاتة , والسمك يُحب الدود , فعندما أريد صيد السمك فإني لاأضع له كيك الشيكولاتة , بل أضع له الدود الذي يحبه ..!!

هذه العبارة شكلتْ كثيراً من أسلوب تعاملي مع الآخرين , وكان لها - دائماً - مفعول السحر ..!!
والتفسير العملي لهذه العبارة , أن لكل إنسان احتياجات معينة - نفسية , عاطفية , معنوية , مادية -  , فإن نجحت في معرفتها , فستكون الخطوة التالية هي تقديمها له بالطريقة اللائقة التي تكون مُفتاحاً لقلبه , كل ذلك لابُد أن يكون في الإطار الذي يحفظ كرامتك وإنسانيتك واحترامك لنفسك , وكذلك يحفظ للآخر كونه إنسان وليس مُجرد سمكة ترغب في اصطيادها فحسب 
( معانا ياعم ديل ؟!! ) 

هذا الحديث يقودنا - حتماً - لأمرين اثنين :
الأول : 
العلاقات الاجتماعية بشكل عام .
وحقيقة وكنتيجة طبيعية لتعقيد الحياة وصعوبتها وسرعة تغيرها , أصبح الإنسان بدوره كائنٌ مُعَقَدٌ صعبٌ وسريع التغيير , وكنت دائماً أُشبه هذا الإنسان بعرائس ( الماتريوشكا )** , فكلما تظنُ أنك فهمت الإنسان الذي أمامك , يخرج لك منه إنسان جديد لاتفهمه ..!!

حتى الشيخ ( ديل ) ارتطم بهذه الحقيقة , وكتب عبارة في كتابه ( عشر خطوات لحياة أكثر إرضاء ) مامعناها :
"عند التعامل مع الناس دعونا نتذكر أننا لا نتعامل مع مخلوقات منطقية، بل نتعامل مع مخلوقات عاطفية، ومليئة بالأحكام المسبقة وتحفزها الكبرياء والغرور...!!"

هذا الكلام يعني باختصار , أن العلاقات الاجتماعية مُرهقة ومتعبة ومُعقدة , ( وشوف ياعم ( ديل ) أحنا عندنا عبارات زي : ( ديل ) الكلب عمره ماينعدل ) ، وهي التفسير الشعبي المحلي لعبارتك , فهي تُقرر أن الإنسان يظلُ إنساناً غير منطقي وإنسان عاطفي متقلب متغير ( ماتريوشكي ) ..!!
وهذا يُصعبُ العملَ باستراتيجية الدود الخاصة بك ..

🎬فاصل إعلاني :

'


( هذا المقال برعاية شربة عم مسعود اللي تنزل الدود ..) 

ويقودنا للأمر الثاني , وهو :
الاحتياجات ( كحب الدود عند السمك ) .
ولاأتحدث - بالتأكيد - عن الاحتياجات الشاذة المرفوضة , ولن أتحدث عن الاستراتيجية بمنظورها الاستغلالي للوصول لمنفعة مؤقتة من الشخص المُستهدف , ولكني سأنقلها إلى مجال إنساني أرحب بكثير , وهو اكتساب قلب المُستهدف , لا لمصلحة مادية , بل لمجرد المودة والمحبة المُجردة من كل نفع ..

فالبعض - وهذه حقيقة - يُعاني من بعض الصفات النفسية الذميمة ( الخايسة ) , والتي تصبح هي الحاجة التي يجب عليك تقديمها له لكي تكسب مودته ومحبته , أو على الأقل تكتفي بالحد الأدنى من العلاقة الإنسانية معه , وقد تصل - أحياناً - لأن تُقدمها إتقاءً لشره , وحتى لاتقع في فخ معاركه الوهمية المُمرضة العقيمة ..!!
وأكثر هذه الحاجات ( خياسةً ) هي التي ترتطم بها عندما تتعامل مع المُتكبر المُتغطرس , أو مابات يتعارف عليه كثير من غير المتخصصين بالنرجسي ..

وهنا لابُد من التنويه بأن هناك ملاحظات عند وصف إنسان بهذه الصفة , ومن هذه الملاحظات :
أنه للأسف مُعظم من يصف غيره بالنرجسية , هو - على الحقيقة - النرجسي , ويمارس إسقاطاً غريباً , كما قالت العرب  :
رمتني بدائها وانسلت ..!!

و منها أن النرجسي هو التحديث الأخير للمتكبر المتغطرس , ومن أبرز صفات المتكبر هو ماحدده الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال :
( الكبر: بطر الحق، وغمط الناس ) 
و ( ال ) التعريف هنا هي الاستغراقية في الجنس , أي أنه يرفض كل الحق وينكره , ويحتقر ويستصغر كل الناس ممن يستصغرهم ويأمن شرهم وسطوتهم ، وعلى ذلك , فليس نرجسياً طرفة عين من فيه صفة الأمانة وقبول الرأي الآخر , ومن تراه متواضعاً مع الفقراء والمساكين وذوي الحاجة من المُنكسرين الضعفاء , وليس نرجسياً طرفة عين , من تكون له ردة فعل عندما يشعر أنه تم التعامل معه بدونية وعدم احترام ولاتقدير ..!

ولكن هناك من الناس من يمر تحت مجموعة قوية للغاية من الضغوط العصبية والنفسية , ومر بتجارب مؤلمة وقاسية للغاية , جعلته مُفرط الحساسية , وكأنه جرحٌ مفتوح تؤلمه نسمة الهواء إذا مرت , يتحسس من كل قول ويؤثر فيه - سلباً - كل فعل , ويُفسر الأمور تفسيراً غريباً , هذه النوعية - بالتحديد - هي من تستعمل معهم استراتيجية ( ديل ) , فتتعامل معهم بحرص وحذر شديد , وتٌبالغ في احترامهم وتقديرهم , لأنهم يستحقون أن تفعل معهم , فهم  - في العادة - من أرقى وأنقى خلق الله , وماتفاعلهم السلبي مع مامروا به إلا لأنهم طيبون بسطاء ..!!

أما النرجسي حقاً , فدع استراتيجية العم ( ديل ) وخذ استراتيجيتي , والتي أسميتها استراتيجية ( الفأر الميت ) وشرحها :
أرأيت إذا وجد أحدهم في محله القديم فأراً ميتاً , ألا يرفعه من ذيله ويمشي به , ثم يُلقيه في أقرب سلة مهملات ؟!!
أفعل معه ذلك ولاتبالي , فبقاؤه في حياتك سيدمرك أنت , والحقيقة أن معظم من يمرون بأمراض نفسية , هم في الأساس معاشرون لعلل من هذا النوع ( الخايس ) ..!!


( الماتريوشكا )**
هي مجموعة من الدمى الخشبية ذات الحجم المتناقص , موضوعة الواحدة داخل الأخرى ..

نصيحة عم مسعود ( راعي الشربة ) :
إلى الغارقين في العالم الافتراضي:
جربوا الابتعاد قليلاً عن ( الإنترنت ) ، عيشوا العالم الواقعي ، عاشروا الناس ، خالطوهم ، تعرفوا على أصدقاء جدد , وكونوا واثقين أنكم ستحبون ( الإنترنت ) أكثر ..!!😁

بقلم:أحمد سليمان النجار