

أحمد سليمان النجار
بقلم | أحمد سليمان النجار
قال الشاعر :
مِكرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدْبِرٍ معًا ••
( كَدَبابِ تَوصيلٍ جايبْ كِبده لعلي ) ..!
….
هذا المقال ليس تقريراً , بل هو مجرد ( دردشة ) وكأنها تفكيرٌ بصوت عالٍ , وذلك لسببين اثنين :
الأول :
يقيني التام أني في بلد عظيم فيه أجهزة يقظة قوية مُطلعة وقادرة على حل أي مشكلة وتقويم أي خلل مهما كان ..
الثاني :
أنا لا أملك معلومات , وكل ما سأطرحه هو من باب الاستفسارات , التي انتظر أن يُجيبني أحدٌ عليها ..
لاشك أننا سعدنا جميعاً بحزمة القرارات الأخيرة التي جاءت لتُنَظِمَ فوضى ( دبابات ) التوصيل المُزعجة والخطرة للغاية , فمامن مُستعملٍ للطريق إلا وقد آذاه - بشكلٍ أو بآخر - سِربُ ( دبابات ) التوصيل والملتحق مؤخرأً بفرقة ( كاميكازي ) الطرقات , والذين لايُمكن - بأي شكلٍ من الأشكال - التنبؤ بوقت ولا بمكان ظهورهم , ولا ماهي خطوتهم القادمة ؟!!..
وهذا الملف المزعج , ومافيه من مخاطر وأضرار , تتولاه أجهزة قادرة على حله تماماً بإذن الله ..
ولكن - وعلى الحقيقة - مع كل ( هندلة دباب ) تنطلق في رأسي استفسارات ، لاتقل إزعاجاً عن ( دبابات التوصيل ) ومنها :
هل هذه الأعداد الضخمة من ( الدبابات ) ووسائل التوصيل الأخرى , التي لاتنفك تجوب طرقاتنا ليل نهار , هي أمر صحي , ومؤشر إيجابي , أم أنها غير ذلك ؟!
هل تقوم الشركات - فعلاً - بإجراء مسح صحي دوري - حقيقي - ( للمناديب ) التابعين لها ؟
وهل يتم اختيارهم بمعايير مقبولة - على الأقل - وهل يتم متابعة نظافتهم الشخصية , وتدريبهم على القيادة الآمنة , ومتابعة التزامهم بالحد الأدنى - على الأقل - من الاهتمام بسلامة المنتج الذي يقومون بتوصيله للعميل ؟
أم أن ( السالفة درعى وترعى ) ؟!!
علماً بأن هذه الشركات تتمتع - كما أسمع - بمداخيل عالية للغاية ( جينا للحسد ) , تمكنهم من كل ذلك وأكثر ..!!
هل هناك إمكانية للحصول على إحصائيات - ولو تقريبية - تتعاون فيها هذه الشركات ، عن الفئة العمرية والجنس الأكثر تعاملاً مع هذه التطبيقات ؟
فمعلومات مثل تلك ، يستطيع المختصون في دراسات المجتمع - من خلال دراسة السلوك الاستهلاكي لمثل هذه الفئة -من إلقاء الضوء على كثير من الأمور التي يمكن معالجتها - إن كانت سلبية - أو تعزيزها إن كانت إيجابية , ولقد لاحظتُ علاقةً طرديةً بين عدد ( دبابات التوصيل ) عند محلٍ ما وبين كون المنتج الذي يبيعه المحل ( ترنداً ) أكثر متابعيه صغار السن ..!!
ومن البدهي أن هذه الإحصاءات تحتاج - لتكون اقرب للواقع - إلى تعاون الأسر نفسها , وتعاونهم يكشف وجود -أو عدم وجود - رقابة أسرية حقيقية على صغار السن في الأسرة وتعاملهم مع هذه التطبيقات , وبالتالي عندهم فكرة عن سلوكهم الاستهلاكي , وتعديله وتصحيحه , وكذلك توعيتهم في التعامل الآمن مع ( المناديب ) عند استلام الطلب , ومعرفة المؤشرات التي تدل على أن المنتج سليم أو تم العبث به , ورفض استلامه إذا كان مفتوحاً , علماً بأن معظم هذه الشركات تحصل على المبلغ مقدماً , ثم قد تتنصل - في كثير من الحالات - من أي خطأ أو خلل يحدث وللأسف ..!!
يبقى استفسار شرعي أحيله لذوي الاختصاص من أهل الذكر لأنني لاأعلم :
أليست هذه التطبيقات تعرض السلع بسعر أعلى من سعرها الأصلي , و لايعلنون عن ذلك , بل يروجون - في كثير من الأحيان - عن عروض في قيمة التوصيل , وتخفيضها - أحياناً - أو إلغائها لفترة معينة ..!!
حتى أن التطبيقات التي تفاخر بعدم رفع سعر المنتج وأنها توصله بسعره الحقيقي , تقوم بعرض سعر للتوصيل , وعند إتمام المعاملة - وليس قبلها - تقوم بفرض مايسمونه بـ ( رسوم التشغيل ) ، والتي لاتعلم مالفائدة منها ؟ ولماذا لم تُضاف من البداية على قيمة التوصيل ؟ ولماذا لاتظهر إلا بعد التورط في إجراء العملية ؟!!
كل هذا - في ظني والرأي لأهل الذكر - أليس يصنفُ تحت مايُعرفُ ببيع الغرر المنهي عنه والمُحرمُ شرعاً , فطالب السلعة لم يفتح التطبيق إلا لطلب توصيل السلعة ، وليس بغرض الشراء من التطبيق , فهو يفكر في قيمة التوصيل فحسب , وليس في القيمة المضافة على كل طلب ..!!
ولو قلنا أن مايتم هو الشراء ثم التوصيل , فهذا يقودنا ( على دباب توصيل ) لأمر أكثر حُرمة , وهو بيع مالايملكه الشخص , فهذه التطبيقات لاتملك تلك السلع , بل هي تعرضها بأسعار أكثر من سعرها الأصلي , ثم يختار منها العميل ويتم الدفع , ثم يقومون هم بشرائها له وإيصالها ..!!
ولكنهم - على الحقيقة - لايملكون تلك السلع , وهذا - ولعلي على خطأ - لعله يندرج تحت بيع مالايملكه الشخص ..
وفي بعض الحالات - وعند حدوث خلل ما أو وجود عيب في السلعة - قد يتنصل التطبيق من المسؤولية , ويعيد - بعد معاناة شديدة - قيمة التوصيل فقط , ولو تواصلتَ مع المحل الذي خرجتْ منه السلعة , فقد يخبرك أن هذا خارج نطاق مسؤوليتهم , وعليك التواصل مع التطبيق نفسه ..!!
في ظني أياً كان سبب زيادة سعر السلعة عن سعرها الأصلي في المحل , فلابد من إضافة هذه الزيادة على قيمة التوصيل وليس على السلعة نفسها , وبذلك يخرجون من شبهة هذا البيع المُحرم ..!!
هذه استفسارات عديدة , راجياً أن أجد لها إجابة شافية , ولعل الخلل في فهمي أنا , والخطأ في معلوماتي ..!!
** الهيس في اللغة :
السَّيْرُ أيُّ ضَرْبٍ كان , أخْذُ الشَّيْءِ بكَثْرَةٍ
( المحیط في اللغة , ج4 , ص35)

