‏THE SENSITIVE AND THE SHENSHITIVE ..!!

بقلم:أحمد سليمان النجار

تروي طُرفَةٌ  :
أن شخصاً يتحسس جداً من قول ( لا ) , وذات مرة سألوه : 
مامعنى ( حساس ) باللغة الإنجليزية ؟ فأجاب ( SENSITIVE ) , فعادوا وسألوه : ومامعنى ( حشاش ) ؟  , ورغم أنه لايعرف الإجابة إلا أنه أجاب :  ( SHENSHITIVE ) ..!!
ويروي بعض أهل الفن : 
عن ( الدنجوان ) رشدي أباظة , أنه كان شديد الخجل والحساسية , ولذلك كان لايستطيع الوقوف أمام ( الكاميرا ) إلا إذا انفصل عن الواقع عبر تعاطي الخمور والمخدرات ..!!
وروت بعض الكُتب : 
أن رجلاً جاء لشيخ كبير أُشتُهِرَ بالحِلم , فسأله أن يعلمه الحِلم , فقال له الشيخ  : إنه الذُل يابنيَّ , أتراك تُطيقه ؟!!
وروى عم سعيد صاحب ( البقالة اللي في حارتنا ) :
( أن ( دوستويفسكي ) أخذ من عنده عيش صامولي وقال له : 
لاتغادر موقفاً - أي موقف - إلا بعد أن تقول كل مافي نفسك حتى لاتحترق لاحقاً ..!! , فقال له العم سعيد : 
وأنت لاتغادر قبل ماتدفع الريالين حق العيش الله يحفظك ) ..

والآن لو جمعنا هذه الروايات وحاولنا أن نفعل معها كما نفعل مع لعبة ( البازل ) ونركبها كقطع متفرقة لنحصل على صورة واحدة مكتملة , فستكون الصورة كالتالي :
تجاوز موقف مؤذٍ ما عبر احتماله - إما تجاهلاً أو ترفعاً أو حٍلماً أو كُرهاً واضطراراً ، أو لأي حكمة كانت - كما فعل يوسف -عليه السلام – عندما احتمل إهانة أخوته له , سينشأ عنه - أعني احتماله -  ضغط هائل للغاية , وأي ضغط يحتاج إلى مهارة عالية للتعامل معه استقبالاً وتفريغاً بشكل إيجابي , وإلا فإنه سيتراكم ويبدأ في الخروج داخلياً عبر أمراض خطيرة يُصاب بها الشخص المُحتمل , كالسكر والضغط وقد تصل للموت - أحياناً - أو خارجياً عبر تفريغه في الحلقة الأضعف في علاقة المُحتمل , فالزوج - مثلاً - يحتمل ضغط مُديره , ولأنه لايملك مهارة التعامل الإيجابي مع الضغوط  , فإنه إما يمرض أو يعود للبيت ليُخرج هذا الضغط على زوجته وأولاده , ودون أن يشعر هو بذلك ..!!
ولأن الاحتمال - حتى وإن كان حِلماً ممدوحاً - فهو كما قال الشيخ بذكاء شديد : ذًل , ومن يطيق الذل ؟!! , وقد يقود صاحبه لسلوك موزٍ عبر الهرب إلى المخدرات  والخمور كما قالوا عن ( الدنجوان )  أو العزلة الاجبارية والهروب الاجتماعي , وقد يحول الشخص إلى شخص هلامي مدعاة للشفقة قبل السخرية , عندما يحاول أن يتحاشى هذا الضغط عبر حلول يظنها صائبة مثل صاحب لفظة ( SHENSHITIVE ) في الطرفة السابقة , أو أن يرفض الاحتمال ويختار المواجهة مهما كانت الظروف حتى لايحترق داخلياً كما أوصى ( دوستويفسكي ) العم سعيد ..!!

وعلى الحقيقة , فأنا مع ( دوستويفسكي ) في عدم الاحتمال وفي اختيار المواجهة ومهما كانت الظروف , في حالة إن كنت لاتملك مهارة التعامل الإيجابي مع الضغوط ،    ولايعني ذلك الشجار والنزاع والنزول لمستوى لايليق بالعاقلة والعاقل النزول له  :
لو كل كلب عوى ألقمته حجراً **
لأصبح الصخر مثقالاً بـدينار ..!!
 , ولكن على الأقل بالمغادرة - إن كانت هناك استطاعة لذلك - أو بأن ترد بضوابط قوله تعالى : 
( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ) .. 
ولكن إن قررت - وهذا الأفضل والأكمل والأجمل - أن  تختار قوله تعالى - وفي نفس الآية السابقة  - :
 ( وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ ) , وأن تتجاوز ذلك لقوله تعالى :
( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) , بل وقررت الارتقاء إلى درجة قوله تعالى : ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
إن قررت ذلك , فلا بد أن تعلم أن هذا القرار ليس سهلاً أبداً , وانه مهارة تحتاج للتعلم , كما قال صلى الله عليه وسلم : 
( إنما الحلم بالتحلم ) ..

عندها لابد أن تبدأ بالتفريق بين ماتستطيع احتماله وبين مالاطاقة لك به , وبين مايجب أن تتخذ فيه موقفاً , ولايصح معه التجاوز , وبين مايكون من الحكمة أن تتجاوزه وتتغاضى عنه , وبين ماتحتمله مُختاراً لأنك تملك القدرة على الرد , وبين ماتحتمله مُكرهاً ..!!
ولابد أن تتعلم - إن رغبت في الرد - لماذا ومتى وأين وكيف ترد ؟ ومقدار الرد , أو رغبت في عدم الرد فلا بد أن تتعلم فن إدارة الضغوط وكيف تستقبلها ثم تُفرغها بإيجابية , بل وأكثر من ذلك , إذا نجحت في تحويل تلك الضغوط إلى دوافع بناء ودروس تتعلم منها وطاقة تحركك نحو الأفضل ..!!
كل مافات من نقاط لن يستوعبها مقال , ولكنها - بإذن الله - ستكون جميعها موجودة وأكثر منها وأعمق ، كأحد محاور برنامجي التدريبي الذي سأقدمه قريباً - بإذن الله - عن ( فن إدارة الضغوط  ) ..

** من أروع الكتب التي تدور حول هذه الفكرة :
250 طريقة لتقولها وتعنيها , كيف تقول لا , توقف عن محاولة إرضاء الآخرين للأبد ..
للدكتورة سوزان نيومان ..

** لاأعرف معنى ( حشاش ) بالإنجليزي , ولكني أذكر أني قرأت معلومة : 
أن كلمة ( Assassination ) ( اغتيال ) مأخوذة في الأصل من كلمة ( حشاشين ) وهي نسبة للطائفة الباطنية الضالة سيئة السمعة ( الحشاشين ) , التي أسسها الحسن الصّباح في عام 483 هـ , وكانت تعتمد على الاغتيال كاستراتيجية لبث الرعب والسيطرة .., وتحولت الكلمة من ( حشاشين ) إلى (Assassination ) .