أحمد سليمان النجار 

٠٨:١١ م-٢٧ اكتوبر-٢٠٢٣

الكاتب : أحمد سليمان النجار 
التاريخ: ٠٨:١١ م-٢٧ اكتوبر-٢٠٢٣       25355

حريم , للمطبخ دُر ..!!!

هوقا بوقا** , هذه العبارة هي جزء من حوار في قصة حدثت في العصر الحجري , تحكي عن أب وابنه من آكلي لحوم البشر خرجا للصيد , فشاهدا امرأة جميلة , فقال الابن لأبيه : نصطاد هذه المرأة ونذهب بها لكهفنا لنأكلها مع أمي ..
فقال الأب : لا , بل نصطادها ونذهب بها لكهفنا ونأكل أمك ..!!
فقال الابن : هوقا بوقا ..!

من المُسلم به أن المدنية ومايتبعها من تطور , تؤدي لتغيير جذري لكثير من الأمور , ومنها تغيير في بعض أدوار المرأة وأدوار الرجل , وفيها تتوسع رقعة مشاركة المرأة للرجل في بيئة العمل خارج المنزل , وهذا ليس أمراً سيئاً أبدأ , ولكنه يحمل في طياته بعض المتاعب التي قد لايستطيع البعض – ومن الجنسين – التعامل معها وبإيجابية ..!!

ومما لاشك فيه أن المرأة هي التي سيكون من حظها النصيب الأوفر من تلك المتاعب , وحتى ولو وجدت كثيراً من الرجال في بيئة العمل المُشتركة , يشتكي من تعقيد المرأة وصلابتها وحرصها على التفاصيل الدقيقة , والتي قد تؤخر العمل وتُعقده للغاية ..!!

وقد يكون كلام الرجال صحيحأً , لأنهم يقارنون طريقتهم في أداء مهمة ما بطريقة المرأة في أداء نفس المهمة , فالطريقة يحكمها بشكل رئيس التصميم الأصلي للرجل وللمرأة , ومرد ذلك التصميم للمهام الأساسية التي خُلقَ لها كل جنس , فمثلاً :
من المهام الأساسية للمرأة تربية الأطفال والاعتناء بهم ورعايتهم , وهذه المهمة تحتاج تصميماً خاصاً يهتمُ بأدق التفاصيل وبالشكل النهائي للمهمة , حتى لو أطال ذلك في فترة الأداء وصعبها , فالطفل يحتاج لملاحظة دقيقة لأصغر التفاصيل , ومتابعة لكل إجراء , ودقة بالغة , وجودة فائقة , وفحص دوري , وكذلك لامجال للمجاملة أو التنازل , فكل شيء لابد أن يكون دقيقاً والمقاييس فيها صرامة بالغة , والوقت والمشقة آخر ما قد تلتفت إليه المرأة أثناء أداء هذه المهمة , بينما الرجل من مهامه الصيد – مثلاً – وهذه المهمة تُخرجه من دائرة الراحة التي يرغب في العودة إليها سريعاً , وتعتمد في معظمها على السرعة وعدم التوقف عند التفاصيل , ولا يتوقف كثيراً عند الشكل النهائي لمهمته , المهم أن يحمل ماصطاده على كتفه ويعود به لمنزله , وبذلك يكون عامل الوقت وسهولة الأداء هما المحوران الرئيسان لأي مهمة يقوم بها ..!!

ولو أردنا التحدث بلغة تخصصية أكثر فسأقول : 
في علم النفس الادراكي هناك  اصطلاح الوظائف التنفيذية
‏ ( Executive functions) ويشير إلى الإدارة العقلية، أي عملية التحكم والضبط للعمليات الإدراكية الأساسية، بما في ذلك قدراتنا على التخطيط مثلاً ، وحل المشكلات وترتيب الأولويات، وتركيز انتباهنا على شيء بعينه أو أداء مهام متعددة، ويتدخل في تلك العملية ‌أربعة عناصر وهي :
1-    الذاكرة العاملة : 
وهي تلك التي تعالج المعلومات، ثم تصنف الذكريات كقطع، وبذلك نتمكن من أداء وظائف معقدة وفهم أفكار عميقة، بمعنى آخر، فإن الذاكرة العاملة تؤثر على ذكائنا ..
2-    درجة التنبه.
3-    اتخاذ القرار. 
4-    الاندفاعية. 
وعلى الحقيقة فكثير من الأبحاث والدراسات التي اطلعت عليها سابقاً , وأتمنى أن أحصل عليها لأوثقها هنا كمراجع , تشير إلى مفاجأة غير متوقعة , بأنه مامن فروق تُذكر في العنصرين الأول والثاني , وأن الفروق كلها تكمن في العنصرين الثالث والرابع , حيث أن الرجل -مثلاً - في اتخاذ القرار : يميل إلى احتساب المكاسب والمرأة تميل إلى تجنب المخاطر , وفي الاندفاعية , كان الرجل أكثر اندفاعية من المرأة ..

ولو نقلنا هذا التصور لبيئة العمل , حيث المهمة الواحدة نفسها , يقوم بها رجل وتقوم بها امرأة , ينشأ الاختلاف وبالتالي الخلاف من هذه التباينات الفطرية , وتبدأ المشاكل والمصاعب والمتاعب , وكذلك الشكاوى من الطرفين , وقد تسمع رجلاً يقول :
( ياخي الحريم يجيبوا المرض ..!! الشغلة اللي تنقضي في ساعة يكبروها وتنقضي في شهر ..!!
ولاعندهم استعداد يتهاونوا , ويحبكونها بشكل مو معقول ..!!)
ومرد ذلك لأن المرأة مُبرمجة – في الأساس – على هذا الأسلوب في الأداء ..
وقد تسمع امرأة تقول :
( الله يعطيني سعة بال الرجال وبرود أعصابهم , وكيف يقدرون يخلصوا الشغلة بسرعة ؟!! , طيب متى لحقت قريتها وتابعتها وفهمتها ونفذتها ؟!!! وأهم شيء عندهم تنتهي , لكن فيها نواقص أو أخطاء , هذا آخر شيء يهمهم ..!! ) 

مع أنك لو قمت – وبشكل محايد – بتقييم أداء المهمة نفسها بعد أداء رجل أو امرأة لها , لن تكاد تجد فرقاً كبيراً في المُخرج النهائي , إلا في بعض الأمور , والتي تتفوق فيها المرأة – وبلا شك – على الرجل , في الدقة والجودة , ولكن المطلوب من المهمة قد تم في معظمه وبالشكل الصحيح , ومرد الاختلاف كما قلنا في التكوين الأصلي للمرأة والرجل ..

هذه الشكاوى , ستتحول مع الوقت  – في بعض بيئات العمل – إلى صدامات , ثم صراعات صفرية , يعني : ( ياأنا ياإنت ..!!)
وقد يتحول الموضوع إلى الجهة النفسية عند الرجل , فالرجل في الأساس يرى أن هذا المكان هو مكانه , وأن المرأة كائن قادم ليزاحمه فيه , وتكوين الرجل – عند الكثير منهم – لايقبل أن يعترف بالخطأ ، فضلاً عن أن يتراجع عنه أو يصححه , ولو قبل من المرأة مرة أن تخبره بأنه على خطأ , فهو لن يقبل في المرة الثانية , وفي الثالثة سيشخصن الأمر ويعتبره اعتداءً سافر على رجولته وشخصيته ..!!

ولأن المرأة في تكوينها الأصلي لاتستطيع العمل ولا الإنتاج في مثل هذه الأجواء المتوترة المحتقنة في بيئات العمل , ( هي مصممة للنكد داخل المنزل فقط ..😁) فذلك سيدفعها لأن تكون أكثر صلابة وعناداً وقوة – بل وقسوة – لإتمام المهمة , وسيتسبب ذلك باتساع الفجوة وازدياد الشكوى , وبالتالي ستكون الهجمة المرتدة للرجل أكثر قوة وشراسة ..!!

كل هذا سيؤثر سلباً على الكائن الشفاف الرقيق اللطيف الذي يقبع في زاوية ما في المرأة , ويجعلها تشعر بالمعاناة النفسية , وسيضغط كثيراً على أعصابها , وقد يدعوها- إن فاض الكيل – أن تنادي قريناتها بلهجة عسكرية قائلة :
حريم للمطبخ دُر ..
وتترك بيئة العمل للرجل يتمدد فيها كيفما يشاء ..!!

طبعاً هذا ( السيناريو ) يختفي كلما كانت بيئة العمل تتمتع بضوابط وقوانين وقواعد احترافية واضحة تُنظم العمل ولاتترك مجالاً كبيراً للتأثير في الأداء بين الجنسين , والعكس صحيح , فكلما كانت بيئة العمل غير واضحة المعالم , وكانت غير احترافية ازداد الطين بلة ..!

** هوقا بوقا : كما جاء في معجم لسان الديناصور : أنت كذا 👍🏻 ..

أحمد سليمان النجار 
‏3h_live @