

النهار
بقلم: نانسي اللقيس
في خضمّ الأزمات التي تعصف بالمنطقة، وسط الصراعات المفتوحة والمشاريع العابرة للحدود، تظلّ المملكة العربية السعودية عنواناً للتوازن ومصدراً للثبات. ففي وقتٍ اختار فيه البعض تحويل لبنان إلى ساحة نزاع وتصفية حسابات، وقفت السعودية في الجهة المقابلة، لتثبت أنها صاحبة مشروع حياة، لا مشروع موت، مشروع بناء لا هدم، مشروع دولة لا ميليشيا.
لبنان مدين للسعودية بالكثير. ليس فقط لأنها ساعدته في إعادة الإعمار بعد الحروب، أو لأنها ضخت مليارات في اقتصاده في أصعب المراحل، بل لأنها آمنت دائماً بلبنان الرسالة، لبنان الانفتاح، لبنان الذي ينتمي إلى محيطه العربي الطبيعي. في حين انشغل آخرون بفرض عزلة على اللبنانيين، كانت الرياض تفتح أبوابها، تحتضن أبناءه العاملين فيها، وتؤمّن لهم فرص حياة كريمة، في حين تدهورت أوضاعهم داخل وطنهم.
اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يحتاج لبنان إلى هذه الروح. يحتاج إلى من يمدّ يده من أجل الإنقاذ، لا إلى من يجرّه نحو المزيد من الخراب. والسعودية، بما تملكه من ثقل سياسي واقتصادي وديني، قادرة على أن تكون شريكاً أساسياً في إخراج لبنان من أزماته، شرط أن يقرر اللبنانيون أنفسهم الانحياز إلى مشروع الدولة والسيادة.
ما يميز السعودية ليس فقط قدراتها المادية أو موقعها الإقليمي، بل وضوح رؤيتها. فبينما يغامر آخرون بزرع الفوضى وتغذية الانقسامات الطائفية، ترفع المملكة شعار الاعتدال والحوار، وتستثمر في التنمية كطريق إلى الاستقرار. ومن يتابع تجربتها الداخلية يدرك أنّها لم تعد فقط لاعباً إقليمياً، بل باتت نموذجاً للتحديث والانفتاح، ما يجعل دورها أكثر تأثيراً وصدقية.
من هنا، فإنّ الرهان على السعودية ليس رهاناً سياسياً عابراً، بل خيار استراتيجي يتعلّق بمستقبل لبنان وموقعه في العالم. هي الضامن العربي الأكبر لبقائنا في محيط طبيعي يحمينا من مشاريع التفكك والانعزال.
إنّ الإشادة بدور السعودية ليست ترفاً ولا مجاملة، بل قراءة واقعية لمعادلات السياسة والاقتصاد. فحين تضيع البوصلة، يظلّ الخيار العربي الذي تقوده الرياض هو الملاذ الآمن، وهو الطريق الأقصر نحو استعادة لبنان لعافيته وسيادته.

