

علي بن هجّاد الزهراني
المبتكرات العلمية بين الأجيال
من اديسون إلى جون مكارثي
بقلم/ علي بن هجّاد
……………………………………………
لفت نظري مقال الزميل م. محمد السويعي الذي كتبه تحت عنوان "تنظيم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي: ضَرُورةٌ أمْ خِيارٍ؟" ونشرته صحيفتنا الغراء "النهار السعودية"، مؤخراً، واستعرض فيه الزميل السويعي الأسباب التي تدعو إلى تنظيم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والمبادرات الدولية والمبادرة السعودية لتنظيم استخدامه.
وتوقفت عند المستوى الذي وصلت له الطفرة الصناعية في مجال "الذكاء الاصطناعي" منذ أن أطلق العالم الأمريكي جُونْ مَكَارْثِي المتخصص في مجال الحاسوب مسمى الذكاء الاصطناعي على هذا العلم وقدم فيه مساهمات كبيرة، حتى أصبح اليوم يُعَدّ من أهم مفاتيح الازدهار في جميع المجالات العلمية، ولا نكاد نصبح أو نمسي إلّا على خبر من هنا أو هناك عن ابتكار جديد يمنح العالم مزيدا من القدرة على مواصلة تحقيق المنجزات العلمية والتقنية التي تخدم البشرية.
وبنظرة سريعة لما وصل إليه العالم اليوم من تقدم صناعي وتقني نجد أنّ جُلّه جرى في أقل من قرن من الزمان، وكانت الابتكارات العظيمة التي سبقت القرن الأخير ومثلت نقلة نوعية في حياة البشرية تُعَدّ على الأصابع، ومنها ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ ابتكار المخترع الأمريكي توماس إديسون للمصباح الكهربائي في عام 1879م.
وقد عاصر الجيل الذي أنتمي إليه خلال الستين عاما الماضية تسارع التطور العلمي والتقني ولمس تأثير ذلك على الحياة، فقد عاش جيلنا طفولة متعبة، كنا نحلم فيها بتوفير اليسير من متطلبات الحياة الأساسية التي نفتقدها ـ وخصوصاً في القرى آنذاك ـ ، ولم نكن نحلم بما يمكن أن يُحسب من الرفاهية التي كنا نرى النزر القليل منها عندما نزور أقاربنا الذين أتيحت لهم فرصة العيش في المدن، وربما كان ذلك عاملا دفع الجيل للجدية في طلب العلم وتحقيق الذات والاستفادة من الفرص التي كانت متاحة وقت تخرجنا من الثانوية العامة.
وفي مرحلة الشباب كان يقتصر استخدام أجهزة التلفزيون والتكييف والتبريد وعموم الأجهزة الكهربائية على الأسر الغنية وحدها، وكنا بطبيعة الحال نحلم بامتلاكها، أما اليوم فقد أصبحت من ضرورات الحياة التي لا يخلو بيت منها، بل تخطى الأمر إلى أجهزة الكمبيوتر واللاب توب والآيباد والأجهزة الكفية المحمّلة بتطبيقات مخصصة للقطاعات الرسمية وغير الرسمية، لتمكين مستخدميها من مراجعة الإدارات الحكومية والشركات والهيئات والمؤسسات لحجز المواعيد وتقديم الطلبات وإنهاء المعاملات والحصول على الخدمات المختلفة، وكذلك مكنت مستخدميها من رؤية العالم من خلال نافذة التقنية التي تتيحها منصات التواصل الاجتماعي للاطلاع والتفاعل أولاً بأول مع كل ما يدور من حولنا في هذا العالم الوسيع.
وبعد أن استولت التكنولوجيا على جزء من أعمال الإنسان المهمة في الجيل الحالي، فإن الأجيال القادمة قد تخسر أعمالا أكثر أهمية لصالح مخرجات الذكاء الاصطناعي، فهي لا زالت موعودة بمزيد من التطورات الأسرع والأعظم والتي قد تشكل خطراً على الحياة البشرية نتيجة تسابق مراكز البحوث العلمية والمختبرات على إجراء البحوث والتجارب العلمية المكثفة لتحقيق قصب السبق بين الأمم في مجال الذكاء الاصطناعي، في ظل عدم وجود معايير أخلاقية وقوانين أممية معتمدة تؤطر الحدود التي يجب أن لا تتخطاها مراكز الأبحاث والمختبرات في أبحاثها ومبتكراتها في هذا المجال.
………………………………………………………

