

أحمد سليمان النجار
التفكير ( ورا )* الصندوق ..!!🔞
عزيزي ( المدرعم ) بداية أود التنبيه أن المقال ( دا طاهر وحيفضل طول عمره طاهر..) , ولكني لن ألوم ( درعمتك ) لأن كلمة ( ورا ) أو ( وراء ) ووقوعها في نفس السياق مع هذه العلامة (🔞) مُحفزٌ كافٍ لسوء الظن ..!!
وهذا ماكانت العرب تعنيه في مقولتها الشهيرة :
( سوء الظن من أقوى الفطن ) والتي استخدمها الإمام الشافعي - يرحمه الله - في أبياته الشهيرة :
لا يَكُن ظَنُّكَ إِلّا سَيِّئاً ••
إِنَّ سوءَ الظَنِّ مِن أَقوى الفِطَن ..
ما رَمى الإِنسانَ في مَخمَصَةٍ ••
غَيرُ حُسنِ الظَنِّ وَالقَولِ الحَسَن ..!!
ولعل هذا هو سر التبعيض في قوله تعالى :
( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم )
فليس من سوء الظن - على الاطلاق - الشك بناءً على وجود مايثير الريبة من أعمال و أقوال , ولعل هذا هو منشأ جدلية الشك وسوء الظن ( ياخي عجبتني عبارة ( جدلية ) حسيت أني في نادي أدبي ..😄 )
ولم أجد قولاً يُعرّفُ سوء الظن مثل الماوردي في كتابه ( أدب الدنيا والدين ) حيث قال :
(سوء الظن: هو عدم الثقة بمن هو لها أهل).
ولذلك فصل كثير من المشتغلين بهذا العلم في الفروق الدقيقة بين الشك وسوء الظن , كما فرق ابن القيم في كتابه ( الروح ) بذكاء منقطع النظير بين سوء الظن والاحتراز , و فرق أبو طالب المكي في كتابه ( قوت القلوب ) بعبقرية بالغة بين الفراسة وسوء الظن ..!!
وهذا المقال ليس للبسط في مثل هذه المسائل , بل هو عن ( الدرعمة ) بسوء ظن دون وجود مُحفزٍ من شكٍ أو احتراز وحتى فراسة , وكيف تؤثر هذه ( الدرعمة ) على صاحبها وعلاقته بمن حوله ..!!
وبداية هناك سؤال يطرح نفسه ( يتمدد على أرض المقال ) :
لماذا يوجد من يسيء الظن , دون وجود مُبرر لذلك ؟!!
هذا سؤال يسأله كثير من الناس :
زوجة تعاني من سوء ظن زوجها بها , صديق يعاني من صديقه , قريب يعاني من قريبه , موظف من مديره والعكس ..!!
وكم كنت أتمنى أن أمدد سيء الظن على ( شيزلونج ) ( فرويد ) وأحلل دوافعه وأنسبها لعقدة من عُقد الطفولة , ولكن الأمر أبسط من ذلك بكثير , فالأمر باختصار صادم كشفه العبقري ماليء الدنيا ومسيء الظن بالناس ( المتنبي ) حين قال :
إِذا ساءَ فِعلُ المَرءِ ساءَت ظُنونُهُ ••
وَصَدَّقَ ما يَعتادُهُ مِن تَوَهُّمِ ..!!
'
وهذه هي الحقيقة المؤلمة أيتها الزوجة وأيها الصديق وأيها القريب وأيها الموظف ( وأنا جاي اهدي النفوس ) فسيء الظن دون محفز مقبول , هو ممارس محترف لظنونه السيئة في الآخرين , إما سابقاً , فنشأت عنده تراكمات ومخاوف - ولاأعني من مر بصدمات وخيبات من الآخرين , هذا يتحول إلى مُفرط الشك شديد الحذر ( يخاف من الحبل وينفخ في الزبادي كما يُقال ) ولكنه لايصل لحد سوء الظن أبداً - أو مازال يمارس ظنونه السيئة , فيقع في الحيلة النفسية المؤذية والمعروفة بـالإسقاط (Projection ) فيلصق كل مايقوم به من سوء ، بمن ساقه حظه السيء ليكون في محيط دائرته ..!!
والمؤذي - حقاً - هو عندما يبدأ هذا السيء الظن في التفكير لأي سبب كان , فتفكيره - دائماً - ليس ، لا داخل الصندوق ولا خارج الصندوق , ولكن - وهذه حقيقة - ( ورا ) الصندوق .., فتجده ماهراً - وللغاية - في اللف والدوران وعدم الوضوح وتعمد إخفاء الحقيقة - دون مبرر منطقي مقبول - ويستنزف طاقاته ، ليس في إنجاح العلاقة - أي علاقة - بل في تطوير استراتيجيات مراقبة دقيقة , وإجراءات احترازية مبالغ فيها خانقة ومُعطلة , وفرض سيطرة مؤذية ، كل هذا يقوده إلى منطقة عدم الاتزان , فيجعله فريسة سهلة للغاية للنفسيات ( القَمامَة) التي تقتات على أصحاب هذه العلل ، فيحكمون السيطرة عليها ويقومون بتوجيهها لمصالحهم ورغباتهم , فيغذون بداخله هذه الظنون ويعظمونها , لأن هناك علاقة طردية بين زيادة ثقته فيهم وزيادة انعدام ثقته في الآخرين ..!!
مافات هو ال ( bad news ) أما ال
( good news ) أن المُصاب بسوء الظن , هو في النهاية إنسان , ولابد أن فيه خير كثير , وأن تفهمه والمحاولة الجادة العقلانية في احتوائه ومحاولة علاجه عبر الكثير والكثير من الحب والتقبل وتعديل السلوك الممنهج , سيحيله إلى إنسان آخر مُختلف تماماً , وتصبح الحياة معه حياة صحية والعلاقة به علاقة رائعة , وحتى تفكيره سيعود من ( ورا ) الصندوق ليُفكر خارجه في مصلحة العلاقة وتطويرها , وليس هناك دليل مُحدد لفعل ذلك , ولكن الحب - حقاً - يفعل المعجزات بإذن الله ..!!
ومما يروى في هذا الباب وليس منه :
زوجة اكتشفت خيانة زوجها لها , فقالت له وهي تبكي :
( أحلفك بالله , ولدنا هذا مني ولا منها ..؟!! 😁 )
بقلم :أحمد سليمان النجار

