

جيلان النهاري
تصادم روح فريق العمل الناجح مع الشللية الخفية.
بقلم: جيلان النهاري
لبناء فريق عمل ناجح لأي عمل كان تندرج تحته عدة معطيات لتكون عوامل مساعدة تتمكن من إنجاح هذا العمل وظهوره بالشكل الصحيح المنشود لدى هذا الفريق.
من المعطيات إختيار الكوادر المطلوبة للإنخراط في تنفيذ هذا العمل ومعرفة مدى إستعدادهم المهني وخبراتهم ومهاراتهم المكتسبة ليتناسب كل ذلك مع المهمات التي ستوكل لهذه الكوادر المؤهلة والمتمكنة قدراتهم في إنجاح هذا العمل من خلال فهمهم للخطط والأهداف وتعاملهم مع المعطيات التي سيعملون عليها ومواجهتها بكل يسر وإنسيابية دون أي تقاعس أو خمول إداري لإيجاد الحلول السريعة في حال صادفتهم أي معضلة تقف في طريقهم، وتكون متوافقة النتائج مع الإحصائيات المرافقة لها.
ومن هنا ندخل إلى تكوين فريق العمل كيف يكونون ومن هم وكيفية إختيارهم وإنتقاءهم ومدى إستعدادهم لتأهيلهم وإسناد المهام إليهم ومدى مقدرتهم في الإندماج مع الفريق متمتعين بروح الفريق العالية.
كل ذلك لا يتحقق إلا بنبذ الشللية الخفية في أي قطاع أو مؤسسي كان حكومي أو أهلى، والتي قد تدخل فيه الشللية الخفية في منع تقدم أي عمل يراد له النجاح فنجد فيه الإنقسامات إلى مجموعات تعمل في هذا الفريق فتحتفظ كل مجموعة بنقاشاتها في تجمعاتهم خارج العمل مما يجعلهم يخرجون عن سياق أهداف العمل المراد تحقيق نجاحاته، لهدف إثبات كل مجموعة منهم أنهم هم من يسعوا إلى إضافة إيجابيات لهذا العمل حتى ينسب لهم الفضل في هذا النجاح، ويضمن إستمراريتهم في مواقعهم ومناصبهم، دون النظر إلى أهمية العمل وتحقيق أهدافه ونجاحه.
عادة الشللية الخفية تتكون من الأشخاص الذين قد يمتلكون الخبرة والقدرات، وتجمعهم الأهواء والسلوكيات والرغبات الشخصية التي تخرجهم عن الثقة بباقي الفريق ممن يعملون معهم بسبب عدم توافق الأهواء والرغبات الشخصية والتي هي ليس لها دخل في خطط ومعطيات العمل، مما تظهر على سطح الاجتماعات إختلافات قد تؤخر من إستمرارية تنفيذ العمل أو تعطله أو قد تفسده وتلغيه وتبديله بما يرونه ليظهروا نجاحهم وفي ذلك تأخير لهذا العمل والتي قد تكون رؤيتهم الجديدة البديلة تتصادم مع ماهو مطلوب من الأساس، نتيجة ذلك تحدث تنحية أصحاب المؤهلات العلمية والخبرات المهنية القادرة على تحقيق النتائج والأهداف للعمل الأصلي الذي وضع متناسقا مع باقي البرامج التي أعدت له.
في الحياة العملية شاهدنا كيف كانت الشللية الخفية سببا كبيرا في إفساد المنظومة الإدارية لأي عمل كانت بدايته تبشر بنتائج رائعة ترتجى منه، فتبدأ بتقريب أصحاب الولاءات لا أصحاب الخبرات والقدرات المتخصصة والمؤهلة علميا، فتسقط النجاحات العملية نتيجة فساد النظومة التي أعتمدت على الشللية الخفية.
الشللية الخفية عادة ما تكون مفتقده المصداقية في تقديم أي إحصاءات حقيقية وإبدالها بإحصاءات وهمية مضللة، الشللية الخفية يتفق أعضاء مجموعتها على عدم الإعتراف بأخطاءهم كمجموعة تنظر لنفسها أنها أحق من غيرها من أصحاب الخبرات والمؤهلات والقدرات العملية التي تفوقهم إنتاجية.
في رؤية السعودية 2030 والعمل الجاد في المضي نحو إنجاز التحول الوطني في مواعيده التي خطط لها، وجدنا تقدما كبيرا وسريعا في عدد من القطاعات والمؤسسات الحكومية، بينما نجد في بعضها بطئا ملفتا رغم ظهور نتائج إحصاءاتها المطمئنة كأرقام ولكن لا تشاهد لها النتائج على أرض الواقع التي لا تتفق مع ما يؤكد حقيقة الإحصاءات التي تنشرها.
فهل هذا يعتبر نجاح لفريق العمل الذي لا يضع أمام المراقب الشعبي البسيط الحقيقة لتلك الإحصاءات التي لا تعكس حقيقة مشاهدة تأخر هذا القطاع أو المؤسسة الحكومية او حتى الأهلية؟.
الدولة وضعت الخطط ووضعت القيادات الموثوق فيها والمؤهلة في إنجاز ما أوكل إليها في جميع القطاعات والمؤسسات الحكومية وحتى الأهلية ليتواكبوا جميعا مع أهداف تحقيق الرؤية 2030 والتحول الوطني، فوضعت الكتيبات لكل قطاع ومؤسسة حكومية التي تحتوي تلك الكتيبات على آليات العمل لتطبيقها، والتي لو أتبعت ونفذت كما هو مدون في صفحاتها بجدية من خلال فرق العمل التي تتمتع بروح الفريق والمؤهلة كوادره علميا والممتلكين للخبرات العملية في تخصصاتهم ومجالهم الذي يعملون فيه بعيدا عن الشللية الخفية لوجدنا أن جميع هذه القطاعات والمؤسسات الحكومية تتقدم في الإنجازات بشكل بياني متناغم وبخطوط مستقيمة متوازية وبمستوى واحد دون تأخر خط عن الآخر أو تأرجح خط أو آخر مقارنة مع غيره من الخطوط.
نعلم جيدا أن هناك وحدة عمليات مراقبة لكل عمل ومشروع وتقيِّم هذه الوحدة الإحصائيات المقدمة لها، نعلم مدى إحترافية هذه الوحدة في كشف أي خطأ يكون واضحا أمامهم كعدم توافق الإحصائيات مقارنة مع تأخر الإنتاجية الحقيقية المشاهدة، والتي يكون المراقب البسيط له دورا كبيرا في كشف ذلك من خلال إنتقاده أو عدم رضاه على مايقدم من إحصاءات غير ظاهرة على الواقع، والتي لو بحثنا في كواليس هذا الإختلاف بين الإحصائيات ونتائج الواقع الغير مقبولة نجد أن الشللية الخفية أحد هذه الأسباب بل هي الأكثر كارثية في تأخر التحول الوطني لدى بعض القطاعات والمؤسسات الحكومية والأهلية، والذي دأبت الدولة على تحقيقه حسب الخطط المجدولة لكل قطاع.

