

محمد السويعي
الفيديوهات المزيفة
بقلم: محمد السويعي
في عصر تتلاشى فيه الحدود بين الحقيقة والخيال، ويصبح الفصل بين الحقيقة والخيال أكثر صعوبة، يبرز تزييف الفيديوهات بواسطة الذكاء الاصطناعي التوليدي كتهديد جديد يجب أن نكون على دراية به. إن القدرة على خلق مقاطع فيديو مزيفة بدرجة عالية من الواقعية تفتح الباب أمام مجموعة واسعة من الانتهاكات، من التشهير والابتزاز إلى تزوير الحقائق والتأثير على الرأي العام ونشر الأخبار المزيفة مما يؤدي إلى فقدان الثقة في المحتوى الإعلامي بشكل عام. ومن الممكن أن تؤدي إلى عمليات احتيال واسعة النطاق وتهديدات أمنية خطيرة.
الاعتماد المتزايد على الوسائط المرئية في تواصلنا يجعل من التزييف خطرًا محدقًا يتطلب وعيًا وتدقيقًا. الصور التي كانت يومًا "ألف كلمة" تفقد مصداقيتها، والفيديوهات التي كانت تُستخدم كدليل لا يمكن الاعتماد عليها بعد الآن دون تحقق.
ومع ذلك، ليست كل التأثيرات سلبية. فالتقنيات نفسها التي تُستخدم لتزييف الفيديوهات يمكن أن تكون أدوات قوية للكشف عن التزييف، وهنا يأتي دور الوعيالرقمي. كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تعزيز الأمان الرقمي من خلال تطوير أنظمة تحقيق قادرة على التعرف على مثل هذه التلاعبات بدقة.
يتوجب علينا كمجتمع، تطوير مهارات التحقق من المحتوى وتعزيز الشفافية والمساءلة. يجب أن نكون مستعدين لطرح الأسئلة، للتشكيك في الأدلة المقدمة لنا، وللبحث عن مصادر موثوقة. بتعزيز الوعي والتعليم، يمكننا بناء حصانة ضد الفيديوهات المزيفة والحفاظ على نسيج مجتمعنا الرقمي من الانحراف.
هنا سوف أذكر بعض المؤشرات التي قد تساعد على التمييز بين الحقيقة والخداع في عالم يزداد فيه استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء محتوى فديو مزيف:
• سرعة رمش العين: الرمش الطبيعي للإنسان سلس ومنتظم، بينما تجد في الفيديوهات المزيفة أن الرمش يبدو غير طبيعي أو متقطع.
• الظلال: في الفيديوهات المزيفة، قد لا يتطابق الظل مع حجم الجسم أو الموقع المكاني بشكل صحيح، مما يعطي إحساسًا بالتنافر البصري.
• مزامنة حركة الشفايف: لاحظ إذا كان هناك تأخر أو عدم مطابقة بين حركة الشفاه والكلام المسموع، وهو ما يشير غالبًا إلى تعديل أو تلاعب.
• إلتفاف وإنحناء الرأس: حركات الرأس الطبيعية سلسة ومتزنة، ولكن في الفيديوهات المزيفة قد تجد الحركة متجمدة أو غير طبيعية.
• تعابير الوجه: البشر يعبرون عن مشاعرهم بتلقائية، فإذا وجدت تعابير الوجه لا تتماشى مع سياق الحديث أو الموقف العاطفي، فقد يكون ذلك علامة تحذيرية. للأشخاص الحقيقيين تصرفات وحركات عفوية لا يمكن للذكاء الاصطناعي تقليدها بدقة، مثل الحركات اللاإرادية والعادات الشخصية.
• جودة الصورة: في الفيديوهات المزيفة، قد تظهر بعض التشوهات في الصورة، مثلاً لون البشرة أو حتى في ألوان الأجسام الصلبة المحيطة.
• الإضاءة المحيطة: في الفيديوهات المزيفة، قد تظهر بعض الأخطاء في سطوع ودقة الإضاءة المحيطة للجسم الثابت.
لهذا، ينبغي علينا جميعًا كأفراد أن نحافظ على يقظتنا وأن نكون حريصين تجاه المحتوى الذي نتفاعل معه. التزييف المرئي أو الصوتي ليس مجرد تحدٍ تقني، بل هو اختبار لمرونتنا الثقافية والأخلاقية في مواجهة التكنولوجيا التي تتغير بسرعة وتغير معها واقعنا.

