جمعان الكرت
'"البراق"الشاعر الذي رسخت قصائده في الذاكرة
بقلم:جمعان الكرت
'
من القصائد الشعبية التي أخذت شهرة في منطقة الباحة قصيدة الشاعر جمعان البراق الزهراني ( يقول جمعان ريت البندقة في إيد الأعمى) لسببين أولاهما لكون القصيدة ذاتي معنى ومغزى عميقين، والسبب الآخر التسجيل الصوتي مع نغم العود، وهنا يبدأ الشاعر بكلمة أقول بهدف لفت انتباه المستمع بما يمكن سماعه بعد القول ليأتي حرف النداء يا صالبيًا نوع من أنواع البن التي تشتهر به منطقة الباحة موطنه جبل شدا وهذا المحصول يمثل قيمة اقتصادية واجتماعية وتراثية مهمة في ثقافة المجتمع انذاك، وإن كان الشاعر الشعبي المجيد يتخذ من الموجودات التي حوله مثل "الجبل البدر والبن والموز الريحان الكادي" كجانب رمزي لمعنى آخر وهذه التورية أو التشبيه ليحتفظ الشاعر بما يسكن القلب ويحرك الوجدان ويؤجج العواطف وحتى لا يترك المجال في إيضاح المضمون ويواصل الشاعر البراق بأن البن مزروع في مكان يسمى صدر حزنة جنوب الباحة الذي تتوفر به المياه مراعيًا الشقر في البدع "دلع ما " والرد "أيد الأعمى" وقد يكون المعنى بعيد المنال إمرأة تعيش في كنف أسرة ميسورة الحال ليأتي المحراف الثاني هذا المحصول يقوت أهل القلوب المتعطشة، وأظن ذلك تقريب واضح بأن العلاقة وجدانية لارتباطه بالقلوب ليأخذ مسارًا بعيدًا كنوع من الغزل العفيف بأن تلك المقصودة تنعم في حياة فارهة منعمة إذ أن البن محصول زراعي ينبت في مواقع جغرافية ليس في تهامة لحرها أو السراة لبردها وينمو في منطقة الإصدار ذات الارتفاع المتوسط، و لأهمية محصول البن فإن مالكيه يحمونه بسلاح يسمى زككرام وهذا النوع من نوع الميزر يصيب هدفه بسهولة حتى لو كان في مسافات بعيدة، لينعطف الشاعر بأنه مصان لا أحد يستطيع الوصول إليه فهناك موانع سواء الحماية بالسلاح أو البعد الجغرافي، ويأتي الرد سلسًا وهو الأكثر شيوعا ورواجًا وحفظا في الذاكرة الشعبية يقول جمعان شاهدت البندقة في يد الأعمى يشبه البندقية بالمرأة الحسناء مع رجل لا يستحقها ليتناسق الشقر مع البدع "دلع ما " أيد الأعمى ورغم ذلك يأخذ هذا الأعمى في الادعاء بأن لديه البصيرة التي تجعله يدرك بواطن الأمور إلا أن هناك ضبابية ليس في الرؤية بل في عدم معرفة الجوانب التي تدور حوله فهو لا يأنس بمشورة ولا يرضى بنصيحه ويظل غائبا في عمى القلب بل يمتد شرره إلى من حوله بالسب والشتم، وينعطف الشاعر ليقول هذا الأعمى البصيرة بضعف تفكيره وعجزه لو كان لديه بصيرة ثاقبة ومعرفة كبيرة سوف يزيد انتشار شره في كامل بيوت القرية ووصف الشاعر بأنه لو أبصر هبى أي سبب في القرية مائة مصيبة أي مشاكل لا حصر لها ، ولأنه أعمى بصيرة فهذا أفضل له ولمن حوله، هنا تمكن الشاعر جمعان البراق أن ينسج قصيدة يتداولها الناس لزمن يزيد عن نصف قرن وما زالت هي الأكثر انتشارا ورواجًا، وما أن تتسمع من ينشد "ويقول جمعان ريت البندقة في إيد الأعمى "حتى يكمل الكثيرون النص كاملا.. رحم الله الشاعر جمعان البراق صاحب الحضور الشعري الشعبي المتميز الذي له الكثير من القصائد الشعرية التي تسجل بماء الذهب بل أن بعضها أحدثت وعيًا مجتمعيا كقصيدة "فرقنا "وددت هنا تبسيط المعنى
الـــــــــــبـــــــــــد ع
اقوله يا صالبيا مغرسـه فـي د لـع مـاء
يقوت اهـل القلـوب الظاميـه والنياشـوف
له تاجر طول عصره منبسـط منعـم ايـان
جاء في صدر حزنه ما جاء وسط وادي جداره
دونه زككـرام يـا جمعـان ميـت مصيبـه
مصيون ما حـد تمنـى مغرسـه منعيونـه
الــــــــــــــــــــــرد
يقول جمعان ريت البندقه فـي ايـد الاعمـى
يقول عندي بصيـره للمثـل وانـي اشـوف
يضيق الى قلت هات ايدك وسر يـا عميـان
يضيق خلقـه ويرمـي بالحصـى والجـداره
لو كان يبصر هبا في الـدار ميـة مصيبـه
لكـن ربـي حمدتـه ريحـه مـن عيونـه
شرح الكلمات
البدع
دلع ما - المياه التي تجري
النياشوف - الجافة
منعم أيان - من النعمة والرفاهية
وادي جدارة- مكان جغرافيا في الباحة
ميت مصيبة- إصابته قاتلة
منعيونه - المنع والصد
الرد
أيد الأعمى - يد الكفيف والمقصود عديم البصيرة
واني اشوف- اني أرى وأشاهد
ياعميان - نداء للأعمى قليل البصيرة
الجدارة — الحائط
مية مصيبة —المصائب
من عيونه - من بصيرته