

منى يوسف حمدان الغامدي
أيام مباركة قضيتها بحب في منطقة القصيم
بقلم / منى يوسف الغامدي
( الروح تألف من يطمئنها) عبارة لا مست شغاف قلبي عندما تراءت أمام عيني في مفكرتي حين أمسكت بقلمي لأكتب عن رحلتي لمنطقة القصيم وأنا في طريق العودة إلى بيتي ومقر إقامتي في ينبع ، صحبت أهل القصيم على مدار ثلاث أسابيع كاملة في برنامج تدريبي في جامعة القصيم وبالتحديد بمعية مركز تنمية القيادات والقدرات . كم هي الأقدار تسعدنا بصحبة من يشعرونك بالدفء والحب الحقيقي والكرم الإنساني في أبهى وأرق صورة ، قد تعجز الكلمات حينا عن التعبير ورسم المشاعر ووصفها ولكنني دوما على يقين بأن حروفي لا تخون ثقتي فيها ولا تضيع دروبها إلى القلوب وتعرف كيف تسير قدما نحو عالم الأرواح.
مئة وثلاثون متدربة وفريق عمل متميز من نساء الوطن في منطقة القصيم حلقت معهم في فضاء يليق بالمرأة السعودية تبادلنا المعرفة والخبرة المشتركة في أدوات تمكين المرأة القيادية برؤية مستقبلية لتضع كل منا بصمتها في وطن لا يليق به الا الأقوياء المتسلحين بالعلم والمعرفة والمهارات العليا للقيادة الاحترافية.
في البدء كان التواصل عن بعد عبر قنوات التواصل والتعلم الالكتروني كان هناك رابط روحي تملكني وأنا أخطط لتنفيذ البرنامج مع فريق العمل الاحترافي من الكفاءات الوطنية التي تحمل أعلى المؤهلات العلمية لم نلتق من قبل حضوريا كان التواصل عبر مجموعة- واتس اب -واتصالات هاتفية،ثم كان اللقاء الحضوري ففاق كل توقعاتي وكل ما رسمته في خيالي عن مخرجات لهذا البرنامج ومهارات يتم اكتسابها أو معرفة تتلقاها المتدربات،كان الناتج علاقة فريدة من نوعها لم أعشها يوما من قبل بكل هذه التفاصيل وهذا الامتلاء الروحي والعاطفي. وكانت قمة تأثري من كل كلمات الشكر التي وصلتني تلك المتدربة التي تمنت أن ترى ابنتها يوما ما تحمل بعضا من صفاتي ومهاراتي وعلمي وتلك والله مشاعر فياضة غمرتني وجعلت الدموع تذرف من عيني تأثرا واستشعارا لعظم المسؤولية والأمانة التي يحملها من يقدم العلم والخبرة والمعرفة للناس. وتلك التي سطرت كلمات عني ليست ككل الكلمات فقالت: (بها شيء لم يتغير مع الأيام، شغفها للعلم والحياة والوطن)
زرت معالم كثيرة في منطقة القصيم بصحبة أخواتي المتدربات في بريدة وعنيزة وفي بعض القرى ومحافظات المنطقة وما أروعها من صحبة تمثلت فيها أجمل فنون التواصل الإنساني.
في البدء كانت رحلة لاستكشاف معالم عنيزة في جادة النخيل والمقاهي التي افتتحت في قلب المزارع وبين النخيل الذي ينتج أجود أنواع التمور ومن ثم البحث عن الحلوى التقليدية الشعبية لأهل القصيم والتي حرصت على اقتنائها وهي ( الكليجة )وشراء الهدايا لصديقاتي وأهلي وكذلك القرصان أحد أشهر الأكلات الشعبية في المنطقة، كنت حريصة على تناول هذه المأكولات التي تمتاز بنكهة قصيمية مختلفة ( المرقوق والمطازيز والجريش والقرصان) بأيدي نساء القصيم مختلف ويحمل مذاقا مميزا في أرض مباركة وبين أهلها الطيبين . دوما صحبة الأخيار تجعل لكل شيء لذة ومذاق مختلف وله متعة خاصة جدا ، وفي تلك الصحبة كان الختام بزيارة بوليفارد عنيزة . وفي اليوم الذي يليه كان لي موعد مع استضافة كريمة من قبل جمعية عنيزة للخدمات الإنسانية ولتشرف بلقاء وزيارة الأمين العام لجمعية عنيزة أ. فهد الوهيبي ،وكم كانت هي زيارة ثرية مبهرة بكل تفاصيل مشاريع الجمعية والخدمات التي تقدم لأغلى فئة من أبناء وبنات الوطن من ذوي الاحتياجات الخاصة والتي سأخصص لها مقالا مستقلا لأتحدث بالتفصيل عن هذه المشاريع الخيرية لرجال الأعمال من أبناء محافظة عنيزة والتي تذكر لتكون أنموذجا للعطاء الإنساني بغير حدود لمن عبروا عن حبهم لأرضهم بإقامة مشاريع خيرية فريدة من نوعها لتكون هذه الجمعية رائدة في هذا المجال الإنساني على مستوى عالمي .
أما زيارة المعلم التاريخي الثقافي ( متحف العقيلات) فقد كان معلما حضاريا في قلب بريدة يحكي قصة رجال عظماء ومسيرة حياتهم ودورهم في اثراء الحركة العلمية والإعلامية والثقافية والاقتصادية والحياة السياسية والاجتماعية لمجتمع القصيم بطريقة تبهرك وحديث شيق من عاشق التراث والتاريخ المعتز بإرث الآباء والأجداد الأستاذ عبداللطيف الوهيبي تحدث فأبهر وتكلم بشغف كبير يجعلك تقف احتراما لمن يوثق التاريخ بكل اعتزاز ليعيش الواقع بمزيد من الفخر وليكون هذا الجيل امتداد لذلك الجيل العريق في حضارته ومنجزاته وقصص التاريخ تروى لنتعلم منها فنون الحياة وكيف نرسم مستقبلنا ونستشرفه من خلال قراءة التاريخ ، فمن لا ماضي له لن يكون له مستقبل.
وكانت زيارة المركز العلمي في عنيزة محطة لن أنساها فقد كتبت عن هذا المركز قبل أن أشاهده بأم عيني معلما علميا مميزا على أرض الوطن يضاهي في صنعته وتصميمه واباعه كل المتاحف العالمية التي زرتها في دول عدة ، كان هذا المركز بالنسبة لي محطة حنين لعالم أشتاق إليه بحكم تخصصي العلمي استرجعت معلوماتي الفيزيائية والكيميائية مع فتاة ترشدني في أروقته وتحمل نفس تخصصي وعدت إليها أسأل كطالبة علم تريد من أستاذها أن ينير لها الطريق من أجل سبر أغوار العلم بلغة العصر عبر التقنية والتجارب العلمية والعملية التي تجعل التعليم متعة مثيرة للخيال وتدفعك لمزيد من البحث والترقي المعرفي .
ولرجال الأعمال في عنيزة هنا بصمة أخرى لا تخطئها العين فأسماؤهم سيخلدها التاريخ رجال أحبوا بعشق هذه الأرض وعبروا عن حبهم بوفاء وكرم لم أشهد له مثيل فهنيئا للوطن وللقصيم برجالها ونسائها ، وللحديث بقية عن أيام جميلة ومعالم أجمل سعدت كثيرا بقضائها ونيل الشرف بزيارتها وصحبة أهلها الذين غمروني بحبهم وكرمهم الفريد من نوعه

