جيلان النهاري

١٠:٢٣ ص-٢٤ اكتوبر-٢٠٢٣

الكاتب : جيلان النهاري
التاريخ: ١٠:٢٣ ص-٢٤ اكتوبر-٢٠٢٣       42460

 

بقلم: جيلان النهاري 
 

بعيدا عن السياسة..
نظرة على الشارع العربي جراء نتائج عملية طوفان الأقصى وتبعاته في عمليات الجريمة الدموية الإسرائيلية في غزة.

 

مع أول قضية إختلاف في تاريخ البشرية كانت بين صاحب الود وسيع الصدر صافي القلب، وبين صاحب عقل تملكته عاطفة الموقف.
الموضوع كانت فكرته واحدة والأداء مختلف، الواسع الصدر صافي القلب كان صادق الأداء، ونفس الأداء كان من آخر أفتقر إلى سعة الصدر وصفاء القلب، وأرتهن عقله إلى عاطفة الموقف فباء بإثم جريمة قتل نفس بغير حق بل قتل أخاه.
قال تعالى في سورة المائدة:
[۞ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30)].

فالإختلاف في الفكر والرأي عندما يتعامل به ضدان في حجم سعة الصدور، ودرجة صفاء القلوب، فلن تجد سوى النظرة القاصرة على نظرة العقل العاطفي للموقف تعمل على التعبير إما بالرفض القاطع للآخر، وربما العداء التام الناتج عن كراهية فضيلة الود الذي تحلى بها صاحب الصدر الواسع والقلب الصافي.
فنحن نصادف في حياتنا الشخصيتين، ونتعايش معهما تحت ظروف كثيرة في مجالات الحياة ومراحل العمر، الأخ والصديق والزميل وفي التعاملات الحياتية التي تصادم فيها الشخصيتان في ظرف أو حدث معين من حيث الثقافة والفكر والمعتقد.
الإسلام دين الود يحث على سعة الصدر وصفاء القلب ورجاحة العقل لا العقل الخاضع لعاطفة الموقف.
تعامل النبي محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام مع قومه بود ملؤه سعة الصدر على تحمل أذاهم له لأنهم أخضعوا عقولهم لعاطفة الموقف، وتعامل معهم بصفاء القلب، وهم عمت قلوبهم لأنها تحمل العقل العاطفي للموقف الذي هم فيه بولاءهم للشرك والكفر.
ففي هذه الأيام ومع الأحداث العالمية المنحصرة على العدوان الإسرائيلي المحتل لفلسطين وإعتداءه الغاشم الدموي على غزة، أنقسمت الأمة إلى مجموعتين:
● مجموعة تحمل فكرا عقلانيا راجحا متفحصا لسير الأحداث ولكنه في مكنونه الود وسعة الصدر وصفاء القلب تجاه تعاطفهم مع أخوتهم ضحايا الإعتداء الصهيوني الغاشم على الأبرياء من المدنيين في غزة ورفضهم المجازر الإسرائيلية التي حدثت وحجم الدمار الذي واجهه سكان غزة، ورفضهم لكل الأحداث وتسلسلها التي أدت إلى هذا الدمار التي لحق بإخوتهم الأبرياء في غزة فلسطين.
● مجموعة سيطرت على عقولهم عاطفة الموقف ففرحوا بالبدايات، وحزنوا وتأثروا مع سير الأحداث، حتى وصل بهم الأمر إلى إتهام المجموعة الأولى بالصهيونية والتخوين في نصرة القضية دون أن يتفحصوا حقيقة الأهداف التي قامت عليها كل هذه الجرائم، ولماذا قامت؟.
حتى أن وصل الأمر إلى التجريح، وتوزيع الإهانات، والتعبير عن الكره للمجموعة الأولى رغم إتفاق المجموعتين في أمر وشأن واحد هو عدالة القضية الفلسطينية، وحق الأبرياء في غزة في العيش في أمن وأمان، وضمان حقهم الإنساني في أن يكون لكل الفلسطينين حقهم في إقامة دولتهم المستقلة التي عاصمتها القدس الشرقية.

هذا مارصدناه من نقاشات شعبوية ومن شخصيات إعلامية وسياسية وفنية وأدبية وقيادية غير رسمية دوليا، تناولت شخصيات تتبنى فكر المجموعتين الذين أشرنا إليهما.

الجميل أن هؤلاء لا يقودون دفة القرار في بلدانهم وإلَّا كانت شعوبنا العربية ذات العقول الخاضعة لعاطفة الموقف أصبحت بكراهيتها لمن تعارض معهم في الفكر أدوات مدمرة لأوطانهم.
ودائما ينتصر الود الذي يتمتع به أصحاب الصدور الواسعة والقلوب الصافية، لتمتعهم برجاحة العقل المتفحص للواقع وللأحداث.