

لواء م عبد الله ثابت العرابي الحارثي
أبغض الحلال إلى الله الطلاق
تلقيت قبل أيام خبر انفصال أحد الأصدقاء عن زوجته بوجع وألم ورب البيت خاصة أنه من أقرب وأطيب أصدقائي ولأن هذا الطلاق جاء بعد زواج دام أكثر من 35عاماً،لكن مانقول إلا لاحول ولا قوة إلا بالله.
وأذكر القصة هنا للعبرة ..يقول صديقي انه تزوج زواجا تقليديا بحت، نعم هي قريبته ولكنه لا يعرفها ولم يراها قط،خطبت له والدته وخواته وخلال شهرين تزوجنا زواج فخم مهيب لم أحضره لاني وقتها لم أعرفه وفي ليلة الزواج شاهدنا بعضنا لأول مرة، ذهبنا للفندق وبعدساعة من النقاش والحوار المعتاد بين زوجين بدا أن هناك تضاد وليس خلاف فكري وعدم توائم في الصفات واختلاف في المفاهيم والانماط السلوكية، وللعلم وللأمانة فهما من أسرة كريمة يحملان الاثنين درجة الدكتوراة وفي مناصب قيادية وأصحاب خُلق رفيع وأهل دين ولهما مكانتهما وحضورهما في أسرتهم .
يقول تجاوزنا هذا الأمر غير المتوقع البته،لأن غداً سفرنا لـ 4 دول أوربية لقضاء شهر العسل يقول كنت أحدث نفسي لعل وعسى نجد في السفر والتعرف على بعض أكثر مايسهم في شيء من التفاهم ولعل ماحدث انطباعات أولية غير دقيقة .
يقول للأسف زادت قناعتنا أننا لانصلح لبعض،انتهت مدة السفر ونحن من خلاف إلى خلاف،عدنا ورغم كل ماحدث بيننا لم يكن الطلاق في حسبان أي منا ووصلنا لقناعة اننا ضحية لشيء ما، وهي ثقافة الزواج التقليدي، يقول لم نفكر في موضوعات مثل عين أو سحر أو حسد.
وكان يرى انه لو دار بينهما حديث بعد الخطبة التي كان فيها عقد القران وعرفوا بعض كان فسخ العقد أقل وقعاً واثراً علينا وعلى أهلنا من الطلاق فهم في نظر أهلهم راشدين عقلاء بحكم تعليمهم وعمرهم،إضافة كما يقول ان الطلاق في عُرف أسرتنا أمر غير مقبول ولم يحدث من قبل غير حالة واحدة لها ظروفها. مما زاد الأعباء علينا .
يقول مر ثلاثة أشهر ونحن في خلافات دائمة كثيرة ومتنوعة ( ليس من بينها شكوك او غيره او خلافه) بعدها وصلنا لقناعة أنه في ظل هذا الوضع يجب على كل منا الاحتساب والصبر على الاخر ونكمل حياتنا زوجان بحكم عقد النكاح لا مشاعر لا محبة مجرد ود كأقرباء وعقلاء.
مرت الأيام والسنين ورزقنا الله ب5 أبناء ثلاث بنات وولدين يقول كنت أمني نفسي أنه بعد أن رزقنا الله بأبنة بكر أن تهداء النفوس
وتتقارب ولكن ذلك لم يحدث خلال هذه المدة 34 عاماً لم يكن الاحترام والتقدير مفقوداً بيننا،بل قمة الاحترام والتقدير وحفظ المنزلة كل منا للأخر ويتمتع كُل منا بكامل الحقوق وعلاقة جيدة في عمومها ولكنها باردة رخوة لامشاعر زوجية دافئة فيها .
يقول كُنا نضحي ونجاهد انفسنا جهاداً عظيماً حتى لايعرف الأهل والأبناء مابيننا ونجحنا في ذلك حتى أن الناس تتحدث عن علاقتنا الناجحة وتربية أبناءنا مع حضوراً لافتا في أسرتنا ونجاحنا في حياتنا العملية .
يقول كنت في نفسي واضع سقف لهذه العلاقة ان يكبر أبنائي من أجل أن لايؤثر طلاقنا على نفسيتهم وحياتهم بالذات الدراسية وهو نفس الشعور لدى زوجتي رغم عدم إفصاح كل منا للثاني به .
يقول قبل 4 أعوام وصلنا لقناعة أننا لم نعد نحتمل أو نطيق بعض فقررنا أن ننفصل
عن بعض كزوجين ولكن دون طلاق حتى نتمكن من العيش مع ابناؤنا تحت سقف واحد فهم مازالوا في حاجة لوجودنا بينهم.
يقول في هذه المرحلة بعض أبنائي شعروا بوجود شيء بيني وبين والدتهم وبعضهم علم لاحقاً أن أمهم أخبرتهم بما بيننا، الكبار منهم حاولوا معها لكنهم فشلوا لم يحاولوا معي لأن أمهم أخبرتهم القصة كاملة من ليلة زواجنا حتى هذه اللحظة فَنَمَّى لديهم قناعة أن الذي لم تصلحه كل هذه السنين إستحاله إصلاحه .
يقول صديقي بعد أن دخلت أبنتي الصغرى الجامعة بدأت جدياً في الترتيب للطلاق ولكن مازال خوفي على أبنائي يمنعني ويدعوني لوضع تصور كيف نمرر طلاقنا بالتراضي ونخفف من أثره وآثاره على أبنائي وأهلي وبالذات أمي لأن والدي متوفى (رحمه الله )وعلى والدة زوجتي فهي عندي مثل أمي.
يقول جلست مع زوجتي عدة جلسات كيف ستكون علاقتنا بعد الطلاق وفق مبدأ تطليق بإحسان أتفقنا بأن لا يسمع أحد منا أي شيء عن أسباب طلاقنا وسوف نحفظ الود لبعضنا
ولن ندخل أبناؤنا في طلاقنا، اتفقنا على كل شيء وحددنا كيف نبلغ أبناؤنا وأهلنا وقررنا موعد الطلاق وموعد إعلانه .
يقول ربما عدم رغبة أي منا في الزواج مرة أخرى خففت صدمة الطلاق وأثاره على الأبناء والأهل وجعلت أبنائي يشعرون بالأمان أكثر بأنني ووالدتهم سوف نكون قريبين منهم ودون أي خلافات .
كنت أعيش مع صديقي بعض أحداث حياته الزوجية وأحد الأصدقاء المشتركين ولكننا فشلنا في إقناعه وكنا نقول له دوماً مادام ليس لديك رغبة في الزواج مرة أخرى لماذا لاتكمل على حالة لاطلاق ولازواج لان الطلاق بعد هذا العمر مفزع ومزعج وموجع ومؤلم للأبناء حتى وأن لم يظهروا وبالذات البنات وكل من حولكم ، ولكنه كان يصر على رأيه وقناعته.
اليوم هاتفني وأبلغني وهو يبكي انه من أسبوع طلق زوجته وأعلن طلاقه ولكنه لم يخبرني لايرغب في تكدير صفو خاطري .
بكيت معه الصدمة صادمة،شعرت من كلامه أنه نادماً على عدم قبول نصيحتنا أنا وصديقنا المشترك بالبقاء على حالة لاطلاق ولازواج ، حتى ياتي فرج الله.
الأهم ولله الحمد أنه أخبرني أن أهله وأبناؤه تجاوزوا الصدمة والحقيقة أنه هو وطليقته ناس أخيار ومن أسرة كريمة لن يسمع الناس منهما ما هو معتاد بين المنفصلين من فضائح واتهامات مما يسبب إزعاج لمن حولهم.
منزله ما شاء الله واسع أختار له شقة للعيش فيها وتبقى مجالسه عامرة كما كانت من قبل بضيوفه وأصحابه ومعارفه وهذا من ضمن اتفاقاته مع طليقته.
نسأل الله لهما حياة سعيدة ولأبناؤهما التوفيق والسداد وهم أي الأبناء بفضل الله من الموهبين والمتفوقين جميعهم .
وأسأل الله أن يكون هذا الطلاق فيه خير لهما تهدى النفوس ويذهب الشيطان ويذهب أن كان هناك شيء من شياطين الأنس عمل لهما شيء فرق بينهما ويعودون لبعض في أقرب وقت اللهم آمين .
🔺الخلاصة🔺
في هذا الزمن الذي اختلفت فيه كثيراً مفاهيم وقناعات ومباديء الشباب للزوج دور مهم
وضروري على الوالدين لتثقيف ابناؤهم على ان الحياة الزوجية شراكة من المودة وتلمحبة وان الزوجين بحاجة للصبر والاحتساب والتغافل والعفو والصفح من أجل أبناؤهم ومايحدث لهم بعد الطلاق ومن اجل أن تستمر عشرتهم بالمعروف ،أعلم أن هناك من يختلف معي بحجة لماذا أضحي وأضيع عمري من أجل غيري ،الناس تختلف في قناعتها وقرارتهم.
لواء م عبدالله ثابت العرابي الحارثي

