الاميرة نورة بنت عبد الرحمن ودورها في الحراك السياسي اثناء استعادة الرياض

بقلم:أ.فاطمة بنت محمد آل فطيح

تمتلك المملكة العربية السعودية أنموذجاً رائداً في تمكين المرأة أرسى دعائمه المغفور له المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، فالمرأة السعودية كانت ولا زالت محل اهتمام وتقدير حكومتنا الرشيدة، وأحد المحاور التي تتضمنها الخطط التنموية والتي سعت من خلالها إلى تعزيز دور المرأة من كافة مناحي الحياة ومنحها حق المشاركة في صنع القرار ومشاطرة الرجل في الشؤون السياسية والاجتماعية منذ عهد المؤسس –رحمه الله- حتى يومنا الحاضر.

وفي ذكرى اليوم الوطني الثالث والتسعين لا بد أن نقف تقديرًا وإجلالًا لصناع التاريخ ورافعوا راية المجد، فمن أبهى صور الاحتفال بذكرى اليوم الوطني الكبير في تاريخه وإنجازه هو وإحياء ذكر من يستحق الذكر خاصةً من نساء هذا الوطن المجيد وتأتي في مقدمتهن الاميرة نورة بنت عبد الرحمن الفيصل، شقيقة الملك المؤسس وعزوته التي ينتخي باسمها والتي كان لها التأثير العظيم والمباشرفي تشكيل المشهد العام اثناء استعادة ملك الإباء والاجداد على يد الملك الراحل عبد العزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود فقد لعبت دوراً مؤثراً في صنع الأحداث ومواكبة التطورات السياسية والاجتماعية خلال القرن العشرين. 

نورة سيدة الجزيرة العربية الأولى..الاميرةنورة بنت عبد الرحمن الفيصل، الاخت الشقيقة الكبرى للملك المؤسس -رحمه الله- والاقرب إليه، ولدت في مدينة الرياض عام 1292ه/ 1875م، والدتها الاميرة سارة بنت أحمد بن محمد السديري تعلمتمبادئ القراءة والكتابة في زمن ندر فيه وجود نساء متعلمات، ولعل هذا هو أحد أسرار وعيها المبكر ورجاحة عقلها وسداد رأيها فقد تمتعت الاميرة نورة بحكمة وحنكة حتى قيل عنها بأنها امرأة تحمل عقول أربعين رجل، تزوجت من الأمير سعود بن عبدالعزيز بن فيصل الملقب بسعود الكبير، وهو ابن عمها وانجبت منه الأمير محمد بن سعود الملقب (شقران)، والاميرة حصة والأميرة الجوهرة.  

نورة نخوة الملوك... كان الملك عبدالعزيز ينتخي باسم نورة في الحرب والهول المواقف الصعبة خاصًة اثناء معارك توحيد المملكة حيث كان ينتخي بأخته نورة قائًلا: "أنا أخو نورة، أنا أخو نورة" أو " أنا أخو الأنور معزي" وهي كلمة سجلها التاريخ السعودي لتطلق على آل سعود بشكل عام "إخوان نورة"، وأضحى اسم "نورة" يحتل مركز الصدارة ومن أكثر الأسماء شيوعا في المجتمع السعودي. 

نورة صانعة المجد..اشتهرت الاميرة نورة بدورها الإيجابي ووقفاتها المشَرفة مع اخيها الملك عبدالعزيز فهي مُلهمته الأولى وكاتمة أسراره، وداعمته لإستعادة الرياض مرة أخرى بعد سقوطها تحت حكم ال رشيد،  في هذا الصدد يذكر احد المؤرخين المعاصرين أن الاميرة نورة كان لها الفضل في تشجيع اخيها واستعادة همته بعد ما اخفق مرتين في استعادة الرياض وعاد إلى الكويت حزينًا فدخلت عليه اخته نورة قائلة " لا تندب حظك كالنساء إن خابت الأولى والثانية فسوف تظفر في الثالثة، ابحث عن أسباب فشلك لا تكثر من إقامتك عند امرأتك أو في  بيت أمك فالرجال لم يخلقوا للراحة"، كذلك يذكر بأن الملك عبدالعزيز دخل على اخته الاميرة نوره يومًا وهي تأكل تمرًا فناولته حبه تمر وقالت: "متى تستعيد تمور الأحساء" فنفض يده وكأن هذه العبارات زادت من حماسه وعزمه على المضي في طريق المجد وتوحيد مملكته وادرك بأن المجد يؤخذ بل ينتزع بالقوة كما في قول المتنبي: 

لا يُدرِكُ المَجدَ إلا سَيّدٌ فَطِنٌ

لِمَا يَشُقُّ عَلى السّاداتِ فَعّالُ

وبالفعل فقد نجح الملك في استعادة ملك اباءه واجداده بعد معركة الرياض عام 1902م، ويعد فتح الرياض الخطوة الأولى لتأسيس المملكة العربية السعودية، وبعد ان استتبت الأمور في نجد اكملت الاميرة نورة دعمها ومساندتها لأخيها المؤسس فقد ازاحت عن كاهله الكثير من المسؤوليات وبرز دورها العظيم في كثير من جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية، ومن نماذج بروز دورها المؤثر أن الملك يعتمد عليها في تسيير أمور نساء العائلة وحل مشاكل وشؤون القصر الداخلية، كما تولت الاشراف على جميع ما يخص شؤون النساء في الدولة بشكل عام، أيضًا تولت بعض المشاكل التي يتعلق ببعض القبائل الذي يربطهم بالاسرة المالكة روابط نسب أو قرابة، كما عهد إليها الملك مهمة استقبال ضيفات البلاد الاجنبيات خاصة في مواسم الحج، فضًلا عن مبادراتها الخيرية الرائدة حيث كانت الأميرة نورة  تشفع عند الملك للكثير من المحتاجين وأصحاب القضايا بصفتها المستشارة الأولى لشقيقها الملك المؤسس، بقيت على هذا الحال حتى توفيت رحمها الله تعالى عن عمر يناهز السابعة والسبعين في عام 1368ه/1949م.  

وفي خطوة نابعة من الاعتزاز بالتاريخ الأصيل،وتخليدًا ذكر صاحبة السيرة العطرة وجه الملك عبدالله–رحمه الله- بإطلاق اسم الأميرة نورة بنت عبدالرحمن على إحدى أكبر الجامعات في المملكةالعربية السعودية، أيضًا من منطلق الرؤية العظيمة رؤية 2030 والتي تهدف إلى خدمة الموروث الثقافي وجه سمو ولي العهد بترميم قصر الاميرة نورة بنت عبدالرحمن على نفقته الخاصة، والذي عرف بقصر "الشمسية" الواقع في حي المربع بمدينة الرياض القصر الذي شهد الاحداث التاريخية التي غيرت مجرى التاريخ خلال القرن العشرين.