محمد سعيد الحارثي

١١ سبتمبر-٢٠٢٣

الكاتب : محمد سعيد الحارثي
التاريخ: ١١ سبتمبر-٢٠٢٣       19140

( 2 - 2 ) الرحيل الحزين لشاعر الرافدين

بقلم:محمد سعيد الحارثي

وفي مشهد الرحيل الحزين الأليم ودع كريم العراقي الحياة وأهله ومحبيه ومتذوقي شعره من القراء العرب قبل ايام في وداع حزين بعد معاناة مريرة وصراع مع المرض كما اشرنا سابقاً وهو يعيش معركته الأخيرة معه وماكتبه من شعر خلال مرضه وفترة رحلة علاجة ولم يمضي به قطار الحياة ليمنحنا من فصيحة ومليحة من الشعر فكان على موعد مع القدر رحم الله الشاعر الكبير كريم العراقي والذي قاوم هذا المرض متفائلاً بالحياة بالإبتسامة والحب و بالشعر لكي لا ينهزم امامه ولكنه ألمح في بعض من شعره بدنو الأجل حين يحين وقت الرحيل والذي ألمح له في هذه الأبيات وهي تأتي ضمن القصيدة التي نظمها في المشفى والذي يقول فيها : 

ضاقت عليّ كآنها تآبوت
ولكنمآ يآبى الرجآء يموت

يآصآحبي ان رحت عنك مودعآ
بعد الرحيل أينفع اليآآقوت ؟

أرأيت حيآ ميتآ متماسكآ
 متفائلآ وله الأماني قوتُ ..

وكريم العراقي من الشعراء الذين اثرو حركة الشعر في العالم العربي في الثلاثة عقود الماضية وكريم غلب على شعره العامي الشعبي العراقي الجميل والتي إنتشرت له أشعار اطربت الجمهور العربي في كل قُطر من جغرافية البلاد العربية كذلك لم تنسى ذاكرة السعوديين منذ اربعة عقود حينما نظم قصيدة وأهداها لنادي النصر السعودي في مطلع الثمانينات الميلادية عندما حقق بطولتين في تلك السنة هما الدوري وكأس الملك في عهد الرمز الأمير عبدالرحمن بن سعود رحمة الله عليه والتي يقول في مطلعها:
إجينا يانصر من دجله وفرات
على جناح التهاني والتحيات

 تستاهل يا أصفر ورد ألوان
الدرع والدوري جامعها يا فنان

ولكن مع إنتشار شعره العراقي منح مساحة جميلة أفردها للشعر الفصيح والذي يعتبر من روائع الشعر العربي في عصرنا الراهن ومنها رائعته التي تتضح في أبياتها عن نفسة العفيفة والكريمة وسموها وتكتمها في عدم البوح بالألم للناس سوى لخالقها والتي يقول في مطلعها في هذين البيتين :

لا تشكُ للناس جرحاً أنت صاحبُهُ--
لا يؤلم  الجرح  إلا  من  به  ألمُ

شَكْوَاكَ لِلنَّاسِ يا ابنَ النَّاسِ مَنْقَصَةٌ 
وَمَنْ مِنَ النَّاسِ صَاحٍ مَا بِهِ سَقَمُ

كذلك قصيدته البديعة والتي كتبها وهو على سرير المرض أيضاً والتي إستعرض فيها شعراء موطنه الكبار حتى وصل للشاعر السياب الذي أحدث تغيير في ذائقة الجمهور العربي في الشعر الحر بجمال شعره وأيضاً في هذه القصيدة التي اختلطت فيها المعاني حول قضية التكسب من الشعر والذي يرى فيه بأن الشاعر يعيش بائس في حياته ولا يحصد الثراء منه حتى أنه استشهد بالفرزدق وجرير وهما من أعظم شعراء العرب ولم يتركو خلفهم سوى شعرهم خالداً لاثراء ولا قطرة ماء يقول في هذه الأبيات:   

فخيرُ الشعرِ ما عَبَر المنافي
ورددَّهُ المُهجّرُ والأسيرُ

وخيرُ الشعرِ ما غنّاهُ شعبُ 
لهَ  نصرٌ  بهِ  ولهُ  نصيرُ

أخي السيابُ والحلاّجُ عميّ
وبشار بن بُرد أبي البصيرُ

لو أن  الشعرَ  يتبعهُ  ثراءٌ
بنى قبليْ الفرزدقُ أو جريرُ

ملأنا الأرضَ أزهاراً وحُباً
وفي أَعماقنا هَمٌ كبيرُ

ونقضي العُمرَ نكراناً ونفياً
وبعدَ الموتِ أعلاماً نَصيرُ

رحل كريم العراقي وترك خلفه إرث عظيم من القصائد الخالدة