الكاتب محمد سعيد الحارثي
فكانت (الإثنينية) منذ شرعت أبوابها منذ عام ١٤٠٣ هجري 1983م بمدينة جده عروس البحر الأحمر- هذه المدينة الجميلة التي تستيقظ على وقع أمسياتها الثقافية والأدبية - وعلي مدار أربعة عقود وهذه الأثنينية تثري الحياة الأدبية والثقافية وتزدهر لدينا.
فأصبحت مادة دسمة للصحافة الورقية لدينا بملاحقها الثقافية آنذاك، وكنت من المتابعين لما يكتب عن أمسيات الأثنينية والرموز المكرمة فيها، خصوصا بملحق الأربعاء الثقافي لصحيفة المدينة وصحيفة البلاد، والتي كانت تقوم بتغطية نشاطها، وكم كان هذا الرجل نبيلا في خلقة حين يغمر ضيوفه من المحتفى بهم، ومن المرتادين لصالونه بكرمه الحاتمي الفياض.
فأصبح هذا الصالون من أشهر الصوالين الأدبية في العالم العربي، وأصبح واجهه حضارية للوطن، فأصبحت محتويات الإثنينية القيمة، محط أنظار المتخصصين في الأدب العربي وطلابهم بالجامعات.
ذكر الدكتور عبد المحسن القحطاني - أستاذ النقد الأدبي بجامعة الملك عبد العزيز، في تصريح له لأحد الصحف لدينا - ذكر مناقب الراحل وأهمية الإثنينية كمرجع للباحثين والدارسين من طلاب العلم بالجامعات، قائلاً: "تصدق ونحن أساتذة في الجامعة تعرض علينا رسائل علمية أن أكثرها يعتمد على إصدارات الاثنينية، لأن المكرم يقول كلاما قد يكون لأول مرة لم يقله قبل سيرة ذاتية قالها هذا اليوم، ولأن الحديث عنه كذلك قيل لأول مرة فإذا الباحث سيجد معلومة جيدة يتكئ عليها، وأنا ناقشت أكثر من رسالة أجد في ثبت المصادر الاعتماد على هذه المطبوعات".
فكانت هذه الإثنينية محط أنظار الأكاديميين بجامعاتنا لأهميتها عندهم، من خلال المكرمين بها من علماء ومفكرين ومثقفين وشعراء وأدباء، وكان الشيخ عبد المقصود خوجة علاقته وطيدة بالأكاديمية بجامعاتنا، ويحرص على دعوتهم.
ومن ضمن هؤلاء الدكتور عبد الله المعطاني، أستاذ النقد الأدبي بجامعة الملك عبدالعزيز سابقا، ومما قاله في أهمية هذه الأثنينية في إثراء الحياة الثقافية والأدبية لدينا في تصريح له بصحيفة عكاظ، والتي ذكر فيها وعد مأثر ومناقب صاحبها ومما قاله: "وهنا أريد أن أركز على مساهمه الإثنينية في تحريك الأدب والثقافة في ذلك الوقت، وأمسيات الإثنينية عنوانها تكريمي ولكنها في واقع الحال ندوات أدبية وفكرية وثقافية رائعة، وتطرح فيها الآراء العميقة والرؤى المتميزة مما أثرى الساحة الأدبية والثقافية في ذلك الوقت"، وهو ما كان يهدف له الشيخ عبد المقصود، فأصبحت الاثنينية منبرا حيا ونبراسا متوهجا في مسالك الأدب والثقافة، حتى أعلم أن كثيرا من الباحثين وطلاب الدراسات العليا، يعتمدون على ما يطرح في الاثنينية في كتبهم ورسائلهم للماجستير والدكتوراه، وكان الشيخ عبد المقصود يسعى حثيثا إلى استقطاب الأدباء والكتاب من داخل المملكة وخارجها، مما أدى إلى انتشار الاثنينية في العالم العربي والإسلامي".