الكاتب : النهار
التاريخ: ١٨ نوفمبر-٢٠٢٥       108845

بقلم - عبدالعزيز سعيد محمد الهاجري 

تمثل زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز إلى الولايات المتحدة الأمريكية خطوة استراتيجية امتدادًا لمسار سياسي واقتصادي وأمني يقود المملكة إلى موقع أكثر تأثيرًا في الساحة الدولية. وتأتي هذه الزيارة في وقت تُظهر فيه المملكة حضورًا متناميًا يتوافق مع رؤيتها الحديثة ومكانتها المتصاعدة، مما يعكس اتساع نطاق الشراكة بين البلدين وتعدد مساراتها، كما تعكس ثقة المملكة في توسيع علاقاتها الدولية وترسيخ دورها في إدارة توازن القوى في المنطقة.

ويعد تعزيز القدرات الدفاعية ودعم منظومة الأمن الإقليمي إحدى قدرات المملكة في مواجهة التحديات الأمنية، التي تدعم جاهزية القوات المسلحة، وتفتح الباب أمام نقل خبرات وتكنولوجيا عسكرية متقدمة، كما تسهم في رفع مستوى التعاون العسكري بين البلدين بما يخدم استقرار المنطقة ويضمن توازن القوى الإقليمي.

وفي مجال الشراكات التقنية المتقدمة تعزز المملكة مسار التحول الرقمي مع الشركات العالمية الأكثر تقدمًا في الذكاء الاصطناعي والحوسبة، حيث تسهم هذه الاتفاقيات في تطوير البنية الرقمية، ودعم مشاريع المراكز السحابية، وتعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي، وتوسيع نطاق الاستثمار في المعالجات المتقدمة وأنظمة البيانات الكبرى، مما يمنح المملكة مكانة ريادية في صناعة التقنية المتقدمة على مستوى العالم.

ويأتي قطاع الطاقة حاضرًا بقوة في برنامج الزيارة، حيث يمثل هذا التعاون توسعًا في مجالات الطاقة والتقنيات منخفضة الانبعاثات، إضافة إلى تعزيز حضور المملكة في مشاريع الطاقة العالمية، مما يعكس  التوجه في تنويع أدوات التأثير الاقتصادي، وإثراءً لدور المملكة في قيادة الحوار الدولي حول مستقبل الطاقة.

وعلى مستوى الحضور الدبلوماسي قدمت الزيارة صورة واضحة عن موقع المملكة ومكانتها لدى الولايات المتحدة الأمريكية، انطلاقًا من الاستقرار السياسي والقدرات الاقتصادية والنفوذ الإقليمي، كما أكدت أهمية الاستمرار في بناء شراكات دولية متنوعة، وإيجاد مسارات متعددة للتعاون والحوار مع الدول الكبرى وفق مصالح المملكة وتطلعاتها، وحضور المملكة في الملفات الإقليمية والدولية.

وتُظهِر الزيارة اتساع نطاق الدور السعودي في إدارة توازن القوى في العلاقات الدولية من خلال: تعزيز القدرات العسكرية، توسيع المصالح الاقتصادية، الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتقنية، المشاركة في رسم سياسات الطاقة، دعم الاستقرار في المنطقة. كما تتجه المملكة نحو مرحلة تُسهم فيها في تشكيل بنية الأمن الإقليمي، وتدعم الاستقرار الاقتصادي العالمي من خلال أدواتها السياسية والاقتصادية والتقنية.

إن زيارة سمو ولي العهد إلى الولايات المتحدة الأمريكية تعبير واضح عن التقدم الذي حققته المملكة خلال السنوات الأخيرة، ودليل على قدرتها على بناء شراكات متينة مع القوى الدولية الكبرى، وتؤكد استمرار المملكة في ترسيخ حضورها كقوة ذات تأثير واسع في توازن القوى العالمية.