محمد الفايز
بقلم - محمد الفايز
في المملكة العربية السعودية، حيث تتقاطع مشاعر الملايين القادمة من كل القارات، تقف سواعد رجال الأمن لترسم مشهدًا استثنائيًا من الانضباط والتنظيم. مشهد لا تتكرر تفاصيله في أي مكان آخر في العالم، لا لحجمه فقط، بل لطبيعته الروحية والإنسانية.
هذه السواعد لا تعمل وفق ردة فعل، بل ضمن منظومة مدروسة تُترجم خبرة طويلة في إدارة الحشود، وتحويل اختلاف اللغات والثقافات إلى حركة واحدة منسابة تحترم قدسية المكان وسلامة الإنسان. هنا، الخدمة ليست مهمة رسمية، بل شرف وواجب وامتداد لقيم هذا الوطن.
ومع ذلك، تظهر بين الحين والآخر محاولات بائسة لاختزال الجهد في مقطع عابر، أو تقديم تجاوزٍ على أنه قاعدة من الفوضى. هذه المقاطع تصنع ضجيجًا مصطنعًا، لكنها تسقط أمام حقيقة الميدان: ملايين يتحركون في مساحة واحدة دون فوضى، بفضل رجال يعرفون ماذا يفعلون، ويؤدون واجبهم بثقة وأمانة.
النظام في الحرمين ليس خيارًا، بل ضرورة لحماية الأرواح والحفاظ على قدسية الشعيرة. ومن يبحث عن استثناء شخصي أو عبور خارج الصف، لا يحق له أن يشتكي حين يجد النظام أمامه ثابتًا لا يتغير من أجل نزوة عابرة.
وحين يُخالف الحاج أو المعتمر أو الزائر النظام، ثم يحاول أن يتقمّص دور الضحية أو يستدرّ التعاطف بمشهدٍ ناقص، فإنه يتجاهل حقيقة لا يمكن إخفاؤها: القوانين تُطبَّق على الجميع، وما يُبذل من جهود عظيمة لا يُسقطه مقطع عابر ولا رواية مبتورة. الوعي مسؤولية، والعدالة مبدأ لا يُساوَم عليه.
إن ما تقدمه سواعد الأمن هو ما يجب قوله بوضوح:
إنه عمل وطني يتجاوز مفهوم الوظيفة، ويعكس صورة المملكة كما هي… دولة تصون الإنسان، وتحترم المكان، وتؤمن أن الانضباط قيمة حضارية لا تُنازع ولا تُساوَم.