محمد سعيد الحارثي

١٩ أغسطس-٢٠٢٣

الكاتب : محمد سعيد الحارثي
التاريخ: ١٩ أغسطس-٢٠٢٣       33495

بشارة الخوري شاعر الرقة و الجمال


بقلم:محمد سعيد الحارثي 
هذه الأبيات الرائعة لقصيدة (الصبا والجمال) للشاعر اللبناني الكبير بشاره الخوري المولود بقرية إهمج بقضاء جبيل بلبنان في عام 1885م والمتوفي فيها سنة 1968م وهذا الشاعر الذي أبدع في صياغة الشعر كأنه صائغ مجوهرات لا تمل من قراءة وسماع أشعاره سواء بدواوينه ام  بوسائل الإعلام المختلفة حتى انه ُأّطلق عليه حينها بشاعر "الحب والهوى" لإشتهاره بشعر الغزل احد أهم أغراض الشعر على مر عصور الشعر العربي من الجاهلية حتى هذا العصر ومنذ إحياء هذا الشعر التقليدي بزعامة امير الشعراء احمد شوقي والذي يعتبر من رواده المجددين ومعه شاعرنا الرائع بشاره الخوري الملقب بالأخطل الصغير والذي لقب بهذا اللقب تيمٌُنًا بالشاعر الأموي "الأخطل التغلبي" لإعجابه وتأثره بشعره والذي يعتبره قدوة له و بشاره من الشعراء العرب البارزين الذين أثرو حركة الشعر في العالم العربي والذائقة الأدبية ولجدارته بين شعراء عصره لجودة شعره بويع بخلافة أمير الشعراء احمد شوقي بعد وفاته سنة 1932م وأشتهر شاعرنا بقصائد تعتبر من القصائد الخالدة بديوان العرب وخصوصا المغناة منها لكبار المطربين العرب قديماً ومنها رائعته "عش أنت"والتي لاتقل عن رائعته التي نحن بصددها "الصبا والجمال"وبهذا الوصف البديع في أبيات هذه القصيدة الذي تميز به هذا الشاعر عن غيره من الشعراء المعاصرين نظير ما يتمتع به من ملكة الوصف في شعره من رقة المشاعر والعذوبه وبموسيقاه الشعرية إضافة إلى قوة المعاني فحين نتأمل في هذا البيت والذي يقول فيه:

قتل الورد نفسه حسداً منكِ-
وألقى دماه في وجنتيكِ 

والذي تكمن فيه براعتة في اللغة والبلاغة حين جعل من الورد على جماله والذي يُشبه به جمال المحبوبة ولكن في هذه الحالة جعل من الورد يغار حسدا من جمال محبوبته فأنتحر الورد فقذف وألقى بحمرته "الدم" في وجنتيها فقلب هذا التشبيه  فالعرب تعودت في شعرها بأن تشبه بأجمل مالديها في بيئتها من أدوات في وصف جمال المحبوبة وهما الغزال والورد فالأخطل كما أشرنا برع في هذا  التشبيه وإليكم هذه الأبيات التي تعد من روائع هذا الشاعر العملاق والذي قال عنه الموسيقار محمد عبدالوهاب والذي تغنى بهذه القصيدة وفي رواية عن احد الشعراء العرب ذكر بأن الموسيقار محمد عبد الوهاب سُئل ذات مرة، لمن لحنت من الشعراء؟ " فأجاب أنه لحن لكثيرين منهم، وعندما سئل عن الشاعر الأخطل الصغير، قال إن قصائده تأتي ملحنة، ولا تحتاج لمن يلحنها." ويقول في رائعته "الصبا والجمال " :                                         

الصِّبا والجمالُ مِلكُ يَديك ِ
أيُّ تاجٍ أعزُّ من تاجَيكِ!

نصبَ الحُب عرشَه فسألنا
من تُراها له فدلَّ عليكِ

فاسكُبي روحَكِ الحنونَ عليه
كانسِكاب السماء في عينيكِ

ما تغنّى الهزارُ إلا ليُلقي
زفراتِ الغرامِ في أذنيكِ

قتلَ الوردُ نفسَه حسداً منكِ
وألقى دماه في وجنتيكِ

والفراشاتُ ملَّتِ الزهرَ لمّا
حدّثتها الأنسامُ عن شفتيكِ

وفي شعر هذا الشاعر العملاق يكمن جمال الشعر