

النهار
بقلم - المستشار الدكتور سعود عقل
يُعد اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية مناسبة محورية في التاريخ السياسي والاجتماعي للدولة، حيث يوافق الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1932م، وهو اليوم الذي أعلن فيه الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود توحيد البلاد تحت اسم المملكة العربية السعودية. وتمثل هذه الذكرى أكثر من مجرد حدث تاريخي؛ فهي إطار لإعادة قراءة مسيرة الدولة، ورصد إنجازاتها المعاصرة، وفهم ارتباط حاضرها بمستقبلها الذي ترسمه رؤية 2030.
فلو نظرنا إلى البعد التاريخي لليوم الوطني نراه يعكس لحظة التأسيس السياسي التي انطلقت منها المملكة لتصبح إحدى أكبر الدول العربية والإسلامية من حيث المساحة والتأثير. وقد ارتبط هذا الحدث بعملية بناء دولة مركزية حديثة استطاعت أن توفق بين الأصالة المتمثلة في المرجعية الإسلامية والهوية الوطنية، وبين متطلبات التطور السياسي والاقتصادي في القرن العشرين.
ساتحدث عن الإنجازات في العقد الأخير:
لقد شهدت المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأخيرة تحولات نوعية على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يمكن تلخيص أبرزها فيما يأتي:
1. النمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل
_ تحقيق نسب نمو اقتصادي متقدمة جعلت المملكة في طليعة الاقتصادات الصاعدة ضمن مجموعة العشرين.
_ إطلاق مشاريع كبرى مثل نيوم والقدية والبحر الأحمر، التي تسعى إلى إعادة تشكيل البنية الاقتصادية وفق معايير الاستدامة والابتكار.
2. التحول الرقمي والبنية التحتية
_ تقدم المملكة إلى مراكز عالمية متقدمة في مجال الخدمات الإلكترونية الحكومية.
_ توسعة البنية التحتية للمدن الذكية والمطارات والموانئ، بما يسهم في رفع كفاءة الخدمات اللوجستية.
3. الطاقة والبيئة
_ إطلاق مبادرات نوعية مثل السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر لمكافحة التغير المناخي.
_ الاستثمار المكثف في مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
4. الثقافة والسياحة والرياضة
_ تفعيل دور وزارة الثقافة في دعم الفنون والآداب والهوية الوطنية.
_ إدراج مواقع أثرية سعودية ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.
_ استضافة فعاليات رياضية دولية عززت مكانة المملكة كمحطة عالمية للأحداث الكبرى.
ثالثاً: رؤية المملكة 2030
_ تُعتبر رؤية المملكة 2030 التي أُطلقت عام 2016 خارطة طريق استراتيجية لإعادة هيكلة الاقتصاد والمجتمع. وترتكز على ثلاثة محاور رئيسة:
_ مجتمع حيوي: يسعى إلى رفع جودة الحياة عبر تطوير قطاعات الصحة والتعليم والترفيه.
_ اقتصاد مزدهر: يستند إلى تنمية الاستثمارات، وتحفيز الابتكار، وتوفير فرص عمل نوعية.
_ وطن طموح: يهدف إلى تعزيز الحوكمة الرشيدة، وتفعيل المشاركة المجتمعية، وتحقيق كفاءة الأجهزة الحكومية.
وتُظهر المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية حتى الآن أن الرؤية تسير بخطوات متسارعة، حيث نجحت المملكة في جذب استثمارات ضخمة، وتوسيع نطاق الإصلاحات الهيكلية، وتحقيق مكانة متقدمة في العديد من المؤشرات الدولية.
ختامًا، يأتي اليوم الوطني السعودي بوصفه مناسبة وطنية لتجديد الانتماء، واستحضار التاريخ، واستشراف المستقبل. وإذا كان الماضي قد أسس لدولة موحدة قوية، فإن الحاضر يشهد طفرة إنجازات غير مسبوقة، بينما المستقبل يُبنى وفق رؤية استراتيجية تسعى إلى جعل المملكة في مصاف الدول المتقدمة. وعليه، فإن دراسة اليوم الوطني لا تقتصر على الجانب التاريخي، بل تمتد لتشمل تحليل العلاقة بين الهوية الوطنية والتحولات التنموية الكبرى التي تقودها رؤية 2030، بما يجعل منه مناسبة لافتة لتجديد الولاء والعهد والانتماء.

