

النهار
بقلم: نانسي اللقيس
لا تزال خلاصات جلسة مجلس الوزراء اللبناني التي انعقدت في الخامس من الشهر الجاري تخضع لمزيد من التمحيص على المستويين الداخلي والخارجي، وسط تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على إدارة الملفات الدقيقة في ظل الانقسامات السياسية والضغوط الدولية.
الجلسة التي اتسمت بالتوتر وغياب الإجماع الكامل بين الوزراء أبرزت صعوبة التوافق بين الأطراف، مع استمرار الممارسات الرمزية المصاحبة للاجتماعات الرسمية وغير الرسمية، ما أتاح مساحة واسعة لطرح تساؤلات حول توازن الحكومة بين الداخل والضغط الخارجي.
توضح التطورات أن الترحيب بخطة الجيش اللبناني ومراحل تنفيذها، دون اعتماد رسمي كامل، يؤكد أن الخطة ليست نهائية، وأن اعتمادها مرتبط بقدرة الحكومة على تسويقها أمام الإدارة الأميركية لضمان تطبيق مبدأ «خطوة مقابل خطوة» مع إسرائيل.
كما أنّ استبدال المهلة الزمنية المحددة بنهاية العام بتقارير شهرية قد لا يكون كافياً لإقناع الوسطاء الدوليين، وقد يفتح الباب أمام أجندة إسرائيلية غامضة في تقديم التنازلات.
أما زيارة الوفد الأميركي برئاسة مورغان أورتاغوس وقائد المنطقة الوسطى الأميرال براد كوبر، فقد اقتصرت على الاطلاع الميداني دون عقد لقاءات مع قادة الأجهزة الأمنية.
اكتفى الوفد بتوصيف الخطة بالإيجابية، مع التركيز على ما تم تنفيذه فعلياً، في حين لم تصدر أي تعليقات رسمية، ما يعكس محدودية التقييم الأميركي وضرورة مراجعات مباشرة على أعلى المستويات في واشنطن.
ومن اللافت أن عدم صدور أي تعليق إسرائيلي على خطة الجيش يعكس موقفاً حذراً ومتوافقاً ضمنياً مع السياسة الأميركية في الملف اللبناني.
على الصعيد الداخلي، تكشف التحركات المتبادلة بين بعبدا وعين التينة عن القلق من تداعيات الجلسة، في ظل محاولات لتفادي أي انزلاق نحو التصعيد.
كما يشير التصعيد الميداني في الجنوب والبقاع، الذي طال مواقع لتخزين وسائل قتالية ومعسكرات لقوى مسلحة، إلى الحد الأدنى من الاشتباك الذي قد تفرضه إسرائيل في انتظار موقف رسمي واضح من لبنان.
وتتصاعد التحديات مع تنامي التهديدات الأميركية باتخاذ خطوات إضافية في حال استمرار بعض القوى السياسية في التمسك بسلاح غير شرعي، بما يشمل إدراج وزيرين سابقين على قائمة الإرهاب لدورهما في تقديم الدعم المالي لتلك القوى. هذا الوضع يضع لبنان أمام اختبار مزدوج: مواجهة الضغوط الدولية وضمان الاستقرار الداخلي في آن واحد.
يبقى السؤال الأبرز: "هل ستتمكن الحكومة اللبنانية من الموازنة بين إدارة ملفاتها الداخلية وحماية مصالحها الدولية، أم أن البلاد ستظل على حافة هاوية التصعيد، مع مخاطر محتملة تتصاعد على المستويين الأمني والسياسي؟".

