

محمد الفايز
بقلم: محمد الفايز
في زمنٍ تراجعت فيه المعايير وانهارت الحدود بين الشهرة والقيمة، برزت فئة تُعرف بـ"مشاهير الفلس"، وهم صانعو محتوى صعدوا إلى واجهة المشهد عبر بثوث حيّة تروّج للعري والانفلات، متجاوزين بذلك خطوط الذوق العام وحدود الأخلاق وقيم الوعي المجتمعي .
ما بدأ باستعراضات مبتذلة تطوّر اليوم إلى سلوكيات تتجاوز الأذى الشخصي، لتصل إلى ممارسات تمسّ أمن المجتمع، مثل الابتزاز وتشويه الخصوصية وتحقيق أرباح ضخمة.
الخطير في الأمر أن هذه الشخصيات تحوّلت في أعين بعض المتابعين إلى رموز "نجاح"، فصار كثير من الشباب يقلّدونهم، غير مدركين أن ما يُقدَّم لهم ليس سوى وهم مزخرف يفتقر إلى القيمة ويفسد الذوق والسلوك والعقل.
لقد رُوّج لمفاهيم مشوّهة عن الحرية والشهرة، حتى أصبح الانحراف محتوى، والسقوط يُقدَّم كصعود. وفي ظل غياب رقابة حقيقية، بات هؤلاء يحققون ملايين الريالات من الإعلانات والهدايا الرقمية والبثوث المدفوعة. والأسوأ أن بعض هذه الأموال تُستخدم في شراء الولاءات وتعزيز النفوذ وترسيخ ثقافة "المحتوى المسموم".
بل إن البعض أصبح يعتقد أنه فوق النظام، ويروج لامتلاكه نفوذًا أكبر من بعض المسؤولين.
المسؤولية اليوم تقع على عاتق المجتمع بمكوناته كافة: أفرادًا ومؤسساتٍ ومنصاتٍ إعلامية، للوقوف بحزم أمام هذا الانحدار. نحن بحاجة إلى الوعي المجتمعي وإعلام مسؤول قادر على تفكيك هذه الظاهرة وكشف مصادر تمويلها، ليس بهدف التشهير، بل لحماية الذوق العام ورصانة كرامة المنصات الرقمية من التحول إلى ساحات للابتذال والانحطاط.
نحن أمام مفترق طرق: "إما أن نواجه هذا التلوث الرقمي بشجاعة ووضوح، أو نتحمّل نتائج الصمت، التي قد ندفع ثمنها من عقول شبابنا ومستقبلهم".

