جمعان الكرت
الشعر الشعبي يحتاج إلى كوابح
بقلم: جمعان الكرت
ثمة أسئلة وعلامات استفهام تطفح على السطح بخصوص الشاعر الشعبي في منطقة الباحة والمناطق والمحافظات المجاورة أولاً: ما قيمة النتاج المعرفي والأدبي الذي يطرحه هؤلاء الشعراء من خلال كم القصائد الكبير في الحفلات والمناسبات التي يشاركون في احيائها.
ثانياً: هل الشاعر فعلا مطالب بالطرح الشعري الجيد؟ خصوصا وأن المناسبات متتابعة.
ثالثاً: هل يُفحص الشِعر بعين الناقد الموضوعي؟ وإذا كان كذلك, ما معايير النقد سواء الفردي أم الجمعي؟
هذه الأسئلة وغيرها تفضي إلى فضاء رحب من النقاش الجدي لأن عدد المناسبات التي يحييها الشاعر الواحد تكون في المتوسط 15 مناسبة خلال إجازة الصيف وياتُرى كم قصيدة القاها في كل مناسبة؟ وما نوع القصيدة؟ التي ينبغي أن نتوقف عندها ونستجلي جمالياتها، صحيح أن الشاعر الشعبي يستحضر القصيدة في ذات اللحظة، يبني أبياتها، وينسج معانيها، ما يحتم عليه التفكير العميق في نسج القصيدة دون النظر إلى آلية تفضي به الإبداع الشعري، وبالتالي نجد أن الكثير من القصائد تنطفئ ساعة القائها، وما أن يخفت صوت قرع الزير حتى تتلاشى وتتبخر مع آخر خطوات المغادرين، لا أطالب بإيقاف النزيف الشعري الشعبي- إن صحّ لي التعبير- ولكن مطالبتي الوقوف إزاء هذا الموضوع كي نستمع ونستمتع بقصائد جميلة تأخذ من الجبال شموخها، ومن الكادي شميم عطره، ومن الأودية شفيف مياهها، نطمح أن نسمع قصيدة يرددها هواة الشعر في مجالسهم، ويتناقلها الركبان في أسفارهم، لا أن تمر القصيدة كسحابة صيف، سرعان ما تتلاشى مع هبة رياح،
إذن الشعراء الشعبيون مطالبون بالتريث، مطالبون بإمتاع الأذن، فالخطاب الشعري حاليا يسعى لاهثا من أجل ماذا؟ المعنى في بطن الشاعر، لا أود أن أدخل في تفصيلات دقيقة كتنوع شرائح المتلقين وهذا بلا شك يؤخذ بعين الاعتبار إلا أن نزيف الشعر الشعبي يحتاج إلى مصدات وكوابح من أجل الحد من تدفقه بل من أجل استجلاء القصائد ذات القيمة الفكرية والثقافية والتي تنطبع في الذاكرة، ويمكن أن نتوقف أمام عدد من القصائد المتميزة لعدد من الشعراء الشعبيين مثل عبدالله البيضاني والدكتور عبدالواحد الزهراني وصالح بن عزيز ومحمد حوقان وبن هضبان وخالد وفهد آل غنيم والدكتور إبراهيم الشيخي وهميل وأبو علاج والدرمحي واللخمي وعطيه السوطاني يرحمه الله وغيرهم – من وجهة نظري - يتسنمون المربع الأول ولم يكن الحكم عاطفيا بقدر ما تسجله قصائدهم من عمق في المعنى وانسجاما مع الأحداث وتناغما مع اهتمام الشريحة الواسعة التي تهتم بالشعر الشعبي، ولا ننتقص أبدا من مكانة الشعراء الشعبيين الآخرين فلكل شاعر خصوصيته سواء في الالقاء أو حبك نسيج القصيدة، إلا أن المهم وهو الى إي مدى تركت القصيدة في نفوس وأرواح الناس؟ وهذا هو الذي يؤدي إلى التمايز بين شاعر وآخر، ويمكن أن نؤكد بالقصائد التي ما زالت محفوظة في ذاكرة محبي الشعر الشعبي رغم مضي ما يزيد عن مائة عام على القائها ويجيء الشعراء ابن ثامرة وعبدالله الزرقوي والزبير وجماح والغبيشي وابن عقار وأحمد بن جبران وجريبيع في مقدمة الصفوف، ويأتي الجيل الذي بعدهم مثل خرصان والأعمى وابن مصلح، والغويد وجمعان البراق وجمعان بن موسى وهذال العدواني رحمهم الله جميعًا ولمّا اختلفت ذائقة المستمعين عن ذي قبل بوجود وسائل مغرية فإن الكثير منهم يقل اهتمامه بالقصيدة الشعبية، لوجود المنافس من أغان مصحوبة بموسيقى والشيلات التي راج سوقها وكذا مواقع أنترنتية وو غيرها، فأن الشاعر يقف أمام تحديات عديدة إما أن يكون على مستوى الحدث، أو الانسحاب رغم مقدرته الاستفادة من تلك وسائل التواصل الاجتماعي بترويج نتاجه الشعرى.
الذي أتمناه من شعراء العرضة الشعبية وهم كثر في الساحة بدءا من الطائف مرورا بالباحة النماص أبها نجران أن يعقدوا لهم اجتماعا لمناقشة كيفية الخروج بخطاب شعري يخدم المجتمع، ومن لم يستطع يترك الساحة لمن يُقدّر ويثمّن هذا الشيء فليس من اللائق هذا النزيف الشعري الذي لا يرقى إلى المستوى المأمول ، ولربما يسيء للذائقة الشعرية ويخدش مشاعر الناس بقصائد فيها إسفاف وتهجم على الآخرين.. وهذا الذي نتمنى ألا يحدث.
ومضة
لأخي القدير المنشد الأستاذ ربيع الزهراني استكمالا للنقاش الذي حدث قُبيل أسبوع بأن الشاعر الشعبي يستعين بالجان ورغم اصرارك على هذا الرأي ومخالفتي التي بينتها، ومن على هذا المنبر أقول أتحدى أي شاعر شعبي يدعي ويقول بأن الجان هم من يسعفه في نسج القصيدة
وأقول بأنها موهبة وخبرة ينميها باستمرار
ولك وافر التحية