النهار

٠٣:٠١ م-٠٨ أغسطس-٢٠٢٥

الكاتب : النهار
التاريخ: ٠٣:٠١ م-٠٨ أغسطس-٢٠٢٥       13475

بقلم: منى يوسف الغامدي

هل تخيلنا يوما أن في داخلنا أعظم كمبيوتر خارق عرفته البشرية، مرن، سريع، لا ينام، ويملك قدرة لا نهائية على التعلم والتطور، هذا هو دماغك ودماغي ! لكن المدهش ليس فقط ما يمكن لهذ ا الدماغ أن يفعله، بل كيف يمكنك أنت أن تفعله.
فبينما يستهلك الناس قدرات عقولهم بشكل اعتيادي، يختار الناجحون أن يحولوا أدمغتهم إلى أدوات استثنائية للإبداع، والتحليل، والتأثير، لنبحر معا في عالم الدماغ ولنحاول أن نكشف أسراره، نستعرض قدراته، ثم نفتح أبوابا عملية لاستثماره في تحقيق النجاح، سواء في حياتنا الشخصية أو في مسيرتنا المهنية، وفي عمليات التعليم والتعلم.
فالنجاح ليس حكرا على العباقرة، بل هو خيار يبدأ من الداخل، من فهمنا لعمل عقولنا ومن قدرتنا على قيادته لا العكس.
في داخل الدماغ المفتاح السري للنجاح الحقيقي، فهو يحتوي على 86 مليار خلية عصبية تتواصل بسرعات مذهلة، وهو قادر على إنشاء أفكار، مشاعر، خطط، إبداع وابتكار وأحيانا يخلق حلولا لمشكلات لم نواجهها  بعد؛ يتميز باللدونة العصبية ويتعلم ويتغير ويتطور باستمرار.
الناجحون يستثمرون عقولهم من خلال الوعي الذاتي والتفكير النقدي وهم لا يعملون بعشوائية، يدربون عقولهم على تحليل المواقف، وفهم الذات، والتصرف بذكاء عاطفي من المداومة على التدوين اليومي للأفكار التي تساعد على تنظيم التفكير وتقوية الوعي الذاتي.
فالعقل البشري يحب التحدي وكل معلومة جديدة، كل مهارة  تكتسب، هي بمثابة تمرين رياضي للخلايا العصبية. قراءة عشر دقائق يوميا في مجال مختلف عن تخصصك توسع أفقك العقلي وتفتح فرصا مهنية جديدة.
ومن أجل إدارة الطاقة الذهنية ليس المهم كم تعمل، بل متى وأين وكيف توظف طاقتك الذهنية. الناجحون يخصصون أوقاتا للتركيز العميق، وأوقاتا للراحة المتعمدة.
هناك تقنية تعرف باسم (بومودورو) (25 دقيقة تركيز+ 5 دقائق راحة) تعزز إنتاجية الدماغ. 
من الضروري لكل فرد منا أن يعمل على اتباع استراتيجيات عملية لتفعيل قوة الدماغ من أهمها التخلص من المشتتات لتقوية التركيز وممارسة التأمل لزيادة الفعالية في المهام، ومن الضروري تحديد أهداف قصيرة وطويلة المدى من أجل التحفيز المستمر ورفع الدافعية، والعمل على تدوين الأفكار والعصف الذهني لزيادة قابلية العقل للتفكير الإبداعي ومن ثم التوصل لحلول مبتكرة وممارسة التفكير المرن، كما ينبغي التعود علىى اجراء تمارين الذكاء العاطفي للتحكم بالعواطف وبناء علاقات شخصية ومهنية أقوى.
العقل هو الأداة وأنت القائد، فالدماغ البشري هو هبة رب العالمين وقدراته خارقة وهو يشبه المحرك لسيارة خارقة المهم أن نعرف كيف نقوده ؟ معرفة آلية عمل العقل وتدريبه باستمرار هو أقصر الطرق نحو النجاح فالناجحون لا ينتظرون الإلهام بل يصنعونه من داخلهم.
الدماغ يستهلك حوالي 20% من طاقة الجسم رغم أنه لا يشكل سوى 2% من وزنه وهو يتغذى على الجلوكوز (السكر الطبيعي) والتي يحتاجها من الكربوهيدرات الصحية، كما يحتاج للأحماض الدهنية أوميغا 3، والتي تدخل في بناء الخلايا العصبية وتحسين الاتصال بين الخلايا، والبروتينات التي تزود الجسم بالأحماض اللازمة لصنع النواقل العصبية مثل: السيروتونين والدوبامين. 
والفيتامينات والمعادن مثل الحديد والزنك والمغنيسيوم وب 12 وفيتامين د، أما الماء فهو عصب الحياة والجفاف يسبب بطء التفكير وضعف التركيز والصداع.
وهناك أطعمة مفيدة للدماغ مثل الأفوكادو الغني بالأحماض الأمينية، التوت الأزرق الذي يحتوي على مضادات أكسدة تحمي خلايا الدماغ، السلمون والمأكولات البحرية وهو مصدر قوي لأوميغا 3، والمكسرات خاصة الجوز تشبه شكل الدماغ وتغذيه فعلا فسبحان الله أعظم الخالقين، والكاكاو الداكن يحفز تدفق الدم ويزيد التركيز، والبيض يحتوي على الكولين وهو مهم للذاكرة.
الدماغ حتى يعمل بكفاءة عالية يحتاج للنوم الكافي والمنتظم والذي يعزز تثبيت المعلومات والذاكرة، كما يحتاج للنشاط البدني المنتظم ليحفز إفراز المواد التي بدورها تحفز نمو الخلايا العصبية، والدماغ بحاجة للتحفيز العقلي المستمر من خلال اللعب والتعلم وحل الألغاز. وكذلك للتواصل الاجتماعي والعاطفي الإيجابي دوره في عمل الدماغ بكفاءة فالعزلة تؤثر سلبيا على وظائف الدماغ. ومن المهم تقليل التوتر والضغط لأنه يؤذي الحصين وهي منطقة مهمة في الذاكرة.
وللألوان تأثيرها على الدماغ فاللون الأزرق يهديء العقل ويزيد التركيز ويقلل التوتر ومثالي للاسترخاء  بعد يوم حافل بالعمل وضغوط الحياة، أما الأخضر فيحفز الراحة والتوازن ومفيد في البيئات الصفية، والأصفر يحفز الإبداع والتفاؤل لكن استخدامه الزائد قد يسبب توترا. 
والأحمر يرفع مستوى اليقظة والانتباه، لكن بكميات كبيرة يسبب التوتر أيضا، أما البنفسجي فيحفز الخيال والتأمل ويستخدم في بيئات فنية، والأسود والرمادي قد يسبب الكآبة ان استخدم بكثرة في بيئات التعلم، والأبيض يعطي شعورا بالنظافة والانفتاح، لكن استخدامه المفرط قد يسبب برودا في المشاعر.
التوازن البصري بين الألوان مهم جدا في غرف الصف الدراسية أو مساحات التعلم لتوجيه الانتباه دون إرهاق الدماغ.. (وللحديث بقية)