محمد سعيد الحارثي
(١) من جبال السروات ظهر الإبداع
✍( توطئة عن جبال السروات )
ربما كانت هذه الجبال الشاهقة بسلسلتها الممتدة كما رسمها أطلس وحكاها لنا التاريخ بأنها ملتحمة بجبال بادية الشام فهذه السلسلة المترابطة هي الأضخم والأطول في بلاد العرب وإذا تأملنا إلى هذه التسمية لهذه الجبال الجاثمة على أرض العرب منذ القدم منذ نشأة البشرية والتي تشكلت بعوامل جولوجية وشكلت معها ملامح الحياة للسكان اللذين بنو في وديانها وسهولها وعلى سفوحها مستوطناتهم والتي عمروها منذ مئات السنين هي كانت لهم الإلهام الذي يستلهمون منها كيف التكيف مع هذه القسوة الصارمة التي فرضتها على حياتهم ؟ وإستمدو منها أسمى المعاني والتي جاءت على لسانهم هي جبال الشرف والمروءة وماقاله وأكد عليه سيدنا عمر رضي الله في حديث عنه : "أَنه مَرَّ بالنَّخَع فقال أَرَى السَّرْوَ فيكم متَرَبًِّعاً أَي أَرى الشَّرَف فيكم مُتَمَكِّناً. " وماجاء في قول الشاعرالأبيوردي من هذا البيت :
أَوْرَدْتُهُ العِيْسَ، وَالظَّلْماءُ وارِسَة ٌ--
يَحمِلْنَ مِن سَرَواتِ العُرْبِ أَمْجادا
وفي أسمى المعاني هو قول أَبو العباس: السَّرِيُّ الرَّفيع في كلام العرب، ومعنى سَرُوَ الرجلُ يَسْرو أَي ارْتَفَع يَرْتَفِع، فهو رَفِيعٌ، مأْخوذ من سَرَاةِ كلِّ شيء ما ارْتَفَع منه وعَلا، وجمعُ السَّراةِ سَرَوات" وهم اللذين زودو إبن منظور بهذه المعاني السامية ليخلدها منقوشة في جباههم الشامخة والتي إستمدوها من هذه التضاريس الوعرة لتشهد العرب على هذا الزهو وهي الراسية التي لم تتزحزح وهي الجزء المهم من هذا الوطن المجيد الذي يحتضن و يستحوذ على ترابة الطاهر هذه السلسلة المنتصبة في جغرافيتة التاريخية والتي يحق للعالمين العربيين مكتشفا الجغرافيا الإدريسي القرشي والمؤرخ الجغرافي ياقوت الحموي أن يفتخرا بما أنجزاه ويحق لنا أن نتباهى بما أنجزاه بجغرافية بلاد العرب وعودا لموضوع عنواننا عن متلازمة الإبداع مع جبال السروات تحديدا في منطقة الباحة وقراها المتناثرة على سفوح السروات و ماكانت عليه الحياة القديمة لسكان هذه القرى الذي تولد لديهم عشق تربتها وألم قسوة الحياة فيها عليهم حتى إنها أمدتهم بالصبر والجلد في حقب متعددة من الأزمنة ولكن أرضها أخصبت لهم الخيرات لخصوبتها فكانت وفية معهم وكانت حقولهم الزراعية تفيض بالخيرات ولايأكلون إلا مما يزرعون ولا يرتوون إلا من مياه جبالها التي تتدفق عليهم وتنساب عذوبتها في أرياقهم لهذا هم تغنو بوفائها لهم فكان هذا العشق حينها كانت الحياة لهم وبكل تفاصيلها كانت خصبة لإستلهام الشعر والقصص والحكايا يتبع.......
محمد سعيد الحارثي
mhmdsdlhrth@gmail.com