إيمان حماد الحماد

٠٨:٥٣ م-٢٦ يوليو-٢٠٢٥

الكاتب : إيمان حماد الحماد
التاريخ: ٠٨:٥٣ م-٢٦ يوليو-٢٠٢٥       12045

بقلم - الدكتورة :  إيمان حماد الحماد 

في عالمٍ تنوء فيه العقول بثقل الآراء وتضجُّ الأفئدة بزحام القناعات، تظلّ عبارة "اختلاف الرأي لا يُفسد للود قضية" كنبراسٍ يهدي التائهين وسط غيوم الجدال وغبار الخلاف.

فالآراءُ ليست أوتادًا تُدقُّ في الأرض، بل أشرعةٌ ترفرف في فضاء الفكر، تمدّها رياح التجارب، وتوجّهها بوصلة القناعات. ومن يُدرك سعة الأفق، لا يُضيّق صدْرَه برأيٍ خالفه، ولا يُقصي أخاه لمجرد أنه سلك طريقًا مغايرًا.

الرأيُ ليس سيفًا يُشهر، بل نبعٌ يُغترف منه، وكم من اختلافٍ أضاء فكرًا، وأوقد شعلة إدراكٍ كانت خافتة.
إن الجمال لا يكمن في التشابه، بل في تنوّع الأفكار وتلاقحها، فكما تنبت الزهورُ بألوانٍ شتّى، تزهرُ العقولُ حين تُخالف وتتحاور.
ولكن بشرط: أن نحمل الاختلاف بأدب، ونقدِّم الرأي بلباقة، ونسمع الآخر بإنصاتٍ لا بانتقاص.

فما أبهى الحوار إذا تخضَّب بالحِكمة، وتزيَّن بالاحترام، وما أتعسه إن سُيّر بالأنفة والخصام.
فلنحمل قلوبًا رحبة، تقبل الرأي كما تقبل النسيم، ونجعل من خلافنا جسرًا لا جدارًا، وملتقى لا مفترقًا.


فإن ضاعت رؤانا في المعاني
فقلبي لا يُبدِّلُهُ الخصامُ

فما الرأيُ السديدُ سوى اجتهادٍ
وليس لكلِّ ذي عقلٍ لِجامُ

فدعْ عنكَ الجدالَ بغير علمٍ
ففي الأدبِ المُحاوِرِ انسجامُ

ولو عظُمتْ خُطانا في اختلافٍ
ففي سعة الصدور لها دوام

وإن زاد الجدال فذاك طبعٌ
فما ضرّ التحاور باحترام ؟

خلاف الرأي لا يمحو ودادي
إذا ما ظل في أدب الكلام


فقد نغدو على رأيين دوما
ولكن الوئام هو الختام ..

فإن خطّ الخلاف لنا حدودا
فإن الودّ يبقيه احترام .