جمعان الكرت

٢٤ يوليو-٢٠٢٥

الكاتب : جمعان الكرت
التاريخ: ٢٤ يوليو-٢٠٢٥       13585

بقلم: جمعان الكرت

من الجميل أن تتجه وزارة الصحة نحو إعادة هيكلة النظام الصحي، في إطار رؤية المملكة 2030، بهدف تحسين جودة الخدمات الصحية ورفع كفاءة الأداء، وقد انبثق عن هذا التوجه نموذج التجمعات الصحية الذي يُمنح بموجبه صلاحيات لإدارة مجموعة من المستشفيات والمراكز الصحية في نطاق جغرافي موحد، بما يحقق تكامل الخدمة الصحية وتسهيل الوصول إليها.

ولا شك أن ثمة أهدافًا وُضعت قبل إطلاق النموذج، لعل من أبرزها:

    •    تحسين جودة الرعاية الصحية،

    •    رفع الكفاءة التشغيلية،

    •    تطبيق ممارسات دقيقة في الإنفاق المالي.

وهذه الأهداف -من وجهة نظري– غاية في الأهمية وتُشكّل حجر الزاوية لأي تحول ناجح.

إلا أنني ألحظ بأن درجة التواؤم بين التجمعات الصحية وفروع وزارة الصحة لم تتحقق بعد بالصورة المثلى؛ إذ لا تزال فروع الوزارة ترى في نفسها الجهة الإشرافية والرقابية، من خلال متابعة مؤشرات الأداء وجودة الخدمات ورفع تقارير دورية للوزارة عن أداء التجمعات، وقياس مدى تحقيقها للأهداف المؤطّرة نظامًا. 

وهذا كله يتم في مرحلة انتقالية تمهّد لتحوّل كامل، تتولى فيه شركة الصحة القابضة مسؤولية الملكية والتشغيل، بينما تُناط بوزارة الصحة مهمة التنظيم والرقابة العامة.

هذا الانفصال الإداري والوظيفي، الذي أُنجز في إطار خطة التحول، أدى إلى انتقال أعداد من موظفي فروع الوزارة إلى التجمعات الصحية، وهو ما يثير تساؤلات مشروعة –في تقديري– حول حجم الكادر الوظيفي المتبقي في فروع الوزارة، ومدى توافقه مع حجم المهام الجديدة.

فالعمل الإشرافي والتنظيمي بطبيعته لا يتطلب ذات الكثافة العددية التي كانت تُدار بها الفروع سابقًا، ومن هنا يبدو أن حجم القوى العاملة في بعض الإدارات يتجاوز الحاجة الفعلية، الأمر الذي يتعارض –من وجهة نظري– مع مبادئ ترشيد الإنفاق ورفع الكفاءة التشغيلية.

كما ألحظ وجود تداخل في بعض المهام الإدارية والفنية بين التجمعات الصحية وفروع الوزارة، وهو ما يفتح المجال لاختلاف في وجهات النظر، ويؤدي أحيانًا إلى تعطيل بعض القرارات أو تأخر تنفيذها.

وصحيح أن هذا التحول يتم بطريقة تدريجية، إلا أن غياب الحدود الواضحة للمسؤوليات والصلاحيات قد يُعرقل عملية الاندماج ويحول دون الوصول إلى الانسجام المؤسسي المأمول.

ولذلك، أقترح أن يُمنح التجمع الصحي الصلاحيات الكاملة لإدارة القطاع الصحي في المنطقة، وأن يُبقى لفروع الوزارة دور إشرافي رقابي محدود الحجم والدور، مع كادر مؤهل يتناسب مع طبيعة المهام الجديدة. فالتكرار في الصلاحيات أو ازدواجها لا يخدم مسار التحول، بل يُعيق تنفيذه.

وفي نهاية المطاف، يظل تحقيق الهدف الأسمى من هذا التحول –سواء على مستوى التجمعات أو فروع الوزارة– متمثلًا في خدمة المريض أولًا، وتقديم رعاية صحية متميزة وفعالة تستجيب لتطلعات المواطن والمقيم.