الكاتب : لواء م عبد الله ثابت العرابي الحارثي
التاريخ: ١٠:٢٦ م-١٩ يوليو-٢٠٢٥       9185

بقلم: لواء. م. عبدالله ثابت العرابي الحارثي
لم يكن مشروع رؤية السعودية 2030 مجرد خطة اقتصادية أو إصلاحية، بل كان ربيعًا سعوديًا حضاريًا شاملًا، أعاد صياغة علاقة الإنسان السعودي بكل شيء والعالم من حوله.

وفي قلب هذا المشروع، كانت هناك مهمة وطنية دقيقة وشجاعة: اجتثاث التطرف والفكر المنحرف، الذي تسلل إلى مفاصل المجتمع لعقود، وتمدد في التعليم  والإعلام والثقافة والسلوك.

ولأن الأمير محمد بن سلمان رجل لا يكتفي بالمعالجات السطحية، فقد أعلنها منذ اليوم الأول: “سندمر التطرف، وسنعود إلى الإسلام الوسطي المعتدل”.

وبتوفيق الله، وفي وقت وجيز، تحققت هذه الوعود: تفككت البُنى الفكرية المغلقة، وانهارت المنصات المؤدلجة، وسقطت شعارات التجييش والكراهية. لكن الإنجاز الأكبر لم يكن مجرد الهدم.

بل إن الإنجاز الحقيقي بدأ بعد الهدف فقد أدركت القيادة أن القضاء على التشدد لا يكفي، إن لم يُستبدل بمنظومة وعي وطني مضاد، تنويري، راشد، ينهض بالإنسان السعودي ليكون شريكًا فاعلًا في مشروع الدولة، لا تابعًا لتيارات عابرة أو أجندات حزبية.

وهكذا وُلدت  الصحوة السعودية  الجديدة.
صحوة لا ترفع شعارًا، ولا تلوّح براية، لكنها تتجلى في كل مفصل من مفاصل الحياة:
في مدرسة تعلّم التفكير لا التلقين
وفي جامعة تفتح العقل لا تُغلقه
وفي إعلام يُرسّخ الانتماء لا يشكك فيه
وفي خطبة جمعة تعزّز الرحمة لا التخوين
وفي مجتمع يُكرم المرأة، ويُمكّن الشاب
ويحتفي بالحياة الكريمة المتوازنة

هذه الصحوة الوطنية ليست لحظة مؤقتة، بل مشروع بناء وطني طويل المدى، يُعيد صياغة مفهوم المواطن المسؤول، المتزن، القادر على التفكير والنقد والمشاركة.

لقد تحوّلت السعودية في هذه المرحلة من دولة تُجاهد لتطهير نفسها من التطرف، إلى دولة تُصدّر الاعتدال وتعزز التوازن وتبني الإنسان الجديد.

وما يراه البعض تغييرات سريعة، يراه العقلاء تصحيحًا لتاريخٍ اختُطف، وإطلاقًا لمستقبلٍ يستحقه هذا الوطن العظيم.

إننا لا نعيش فقط في ظل رؤية اقتصادية، بل نعيش في قلب رؤية وعي، يقودها قائد شاب شجاع، مؤمن أن بناء الإنسان أولوية، وأن الوطن لا يستقيم إلا بمواطن حر، واعٍ، مستقل.

وبينما تُطوى صفحات من الماضي، تُفتح صفحات مشرقة من الحاضر والمستقبل، عنوانها: هنا وطن لا يخضع للتطرف، ولا يتنازل عن هويته، ولا يسمح بمصادرة عقول أبنائه.