

لواء م عبد الله ثابت العرابي الحارثي
بقلم: لواء م عبدالله ثابت العرابي الحارثي
"لا تغرس في قلب أحدٍ شعورًا لستَ أهلاً له، ثم لا تملك القدرة على مواصلة الوفاء به"
عبارة قصيرة، لكنها تُشعل حريقًا في الذاكرة… وتوقظ في الروح وجع الخذلان بكل ألوانه.
الخذلان…
ذاك الشعور الذي ينافس كل الأحزان في مراتب الوجع، ويعتلي عرش الألم من دون استئذان.
ليس لأنك لا تحتمل، بل لأنك لم تتوقع.
لأنك كنت تمنح بصدق، وتنتظر – ولو القليل – من الوفاء.
خذلان الأهل… حين يتنكر الدم لحرارته.
خذلان الأبناء… حين يُجحد العمر الذي أُفني لأجلهم.
خذلان الأقرباء… حين يتحول الحبل المتين إلى خيط عنكبوت.
خذلان الأصدقاء… حين يغيب “الظهر” في أول وجع.
خذلان من كنت تراه سَنَدك، عَكّازك، ظلك… فإذا هو لا ظلّ له، ولا شمس له، ولا حتى ملامح إنسان.
تُصدم لا لأنهم غادروا، بل لأنهم ادّعوا الحب.
لأنهم بنوا لك بيتًا من الثقة، ثم فجّروا أساسه ساعة الحاجة.
تُصدم لأنهم أقنعوك أنهم “الوفاء”، ثم حين احتجتهم… وجدت نفسك في العراء، تُصفّق الريح أبواب روحك، ولا أحد يُجيب.
هل هذا خداع؟
نعم.
هل هو غدر؟
غالبًا.
هل هو سوء اختيار؟
ربما… لكنه في النهاية درس:
ألا تمنح قلبك إلا لمن يستحقه
ألا تبني سكناك في صدورٍ هشة
وألا تثق بوهم المواقف الباهتة
خذلوك؟ نعم.
لكنّك أقوى… لأنك لم تخذل.
وأوفى… لأنك لم تغدر.
وأصدق… لأنك لم تتصنّع.
وأجمل… لأنك، رغم الألم، لم تفقد إنسانيتك.
فليس الألم أن يُخذَل الإنسان…
بل أن يتعوّد الخذلان، فيتحجّر قلبه، ويغلق أبوابه، ويقف على عتبة الحياة كجدار لا يُفتح.
كن قويًا يا صديقي، وقلها بصوتٍ عالٍ:
خذلتني… لكنك لم تُسقِطني.
فقط أسقطتَ نفسك من قلبي.

