

النهار
بقلم- د. فايز الأحمري
يُعد موسم الحج من أكبر وأعظم التجمعات في العالم، حيث يجتمع ملايين المسلمين من مختلف بقاع الأرض لأداء فريضة الحج في الأراضي المقدسة، ويشكل هذا الحدث تحديًا كبيرًا من حيث التنظيم والخدمات والإدارة، إلا أن المملكة العربية السعودية أثبتت عامًا بعد عام قدرتها على إدارة هذا الحدث الضخم بكفاءة عالية حتى بات نجاح موسم الحج علامة بارزة على تطور المملكة وقدرتها التنظيمية واللوجستية.
وتحرص الدولة على بدء التحضيرات لموسم الحج قبل وقتٍ طويل من موعده، وتشمل هذه الاستعدادات تطوير البنية التحتية، وصيانة الطرق والمرافق، وتجهيز المشاعر المقدسة كمِنى وعرفات ومزدلفة لاستيعاب ضيوف الرحمن، كما يتم توظيف التكنولوجيا الحديثة في تنظيم الحشود، وإدارتها باستخدام الذكاء الاصطناعي وكاميرات المراقبة والتحكم الذكي في حركة المرور.
وقد وضعت الدولة صحة الحجاج وسلامتهم في مقدمة أولوياتها، حيث وفرت فرقًا طبية متخصصة في كل مواقع الحج، بالإضافة إلى مراكز صحية متنقلة ومستشفيات ميدانية، كما وفرت الدولة كميات كبيرة من الأدوية والمستلزمات الطبية، وفعّلت خطط الطوارئ لمواجهة أي أوبئة أو أمراض محتملة.
أما من الناحية الأمنية، فقد نجحت القوات الأمنية السعودية في إدارة الحشود وضمان الأمن في جميع المشاعر والمناطق المحيطة بها، وتم نشر عشرات الآلاف من رجال الأمن لضبط النظام وتنظيم السير وتقديم الدعم والإرشاد للحجاج.
وقدمت الدولة خدمات نقل متطورة مثل قطار المشاعر الذي ساعد بشكل كبير في تقليل الازدحام، وتقليص وقت تنقل الحجاج بين المشاعر، كما تم تنظيم جداول دقيقة لحركة الحافلات وتوزيعها بشكل يضمن سهولة وانسيابية التنقل، وتم استخدام تقنيات التتبع الإلكتروني لتحديد مواقع الحجاج وتوجيههم خاصة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
إنّ أحد أبرز مظاهر النجاح في موسم الحج هو القدرة على إدارة ملايين الأشخاص في مساحة محدودة وفي وقت قصير دون حدوث فوضى أو مشكلات تُذكر، وهذا يعكس خبرة تراكمية وجهودًا منظمة من كافة القطاعات الحكومية والأمنية والخدمية.
وختاماً فإن نجاح موسم الحج ليس وليد الصدفة، بل هو ثمرة جهود جبارة، وتخطيط دقيق تشارك فيه مختلف الجهات السعودية، ويُعد هذا النجاح إنجازًا وطنيًا يُظهر صورة مشرقة للمملكة أمام العالم، ويعكس التزامها بخدمة الإسلام والمسلمين، وحرصها على راحة ضيوف الرحمن وتمكينهم من أداء مناسكهم في أمن وسلام.

