محمد سعيد الحارثي

٠٤:١٩ م-١٤ يوليو-٢٠٢٣

الكاتب : محمد سعيد الحارثي
التاريخ: ٠٤:١٩ م-١٤ يوليو-٢٠٢٣       32725

شاعرة روسيا ورائحة الموت

يعد الأدب الروسي من أثرى أداب الشعوب وأعمقها وخصوصا في مجال الرواية والشعر ومن أشهر أدبائها الكاتب ليو تولستوي وروايتة الشهيرة "الحرب والسلم" كذلك الروائي والكاتب القصصي  فيودور دوستويفسكي وروايتة الذائعة الصيت "الجريمة والعقاب" كذلك لاننسى الشاعر الكبير المعاصر الدغستاني المنشأ والروسي الهوية رسول حمزاتوف وهاهي الشاعرة الرائعة التي نحن بصددها هي الأخرى أثرت هذا الادب ومعينه الذي لاينضب ولقدإطلعت على ماذكرتة هذه الشاعرة الروسية "آنا آخماتوفا"في مذكرتها المقتضبة عن نفسها وعن الرعب الذي عاشتة خلال حياتها في الإتحاد السوفيتي "روسيا" وماعانته في حقبة تعتبر من أبشع الحقب المرعبة التي عرفتها البشرية في التاريخ الإنساني في عهد النظام الشيوعي القمعي أبان حقبة الإتحاد السوفيتي المندثر والذي قام بتفكيكة وإعلان سقوطة من قبل المعسكر الغربي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية والتي تعتبر قبلة النظام الرأس مالي العالمي والذي لايتفق مع هذا الجسم الغريب في العالم المتمثل في الشيوعية وحاربها كاأيدلوجية وكانظام إقتصادي إشتراكي على مدار عقود والتي عرفت بالحرب الباردة لنعود لما دونته تلك الشاعرة في عهد الدكتاتور جوزيف ستالين والذي قام بإعدام زوج هذه الشاعرة الروسية المتفردة في أشعارها وزوجها هو نيكولاي غوميليوف الأول هو أيضاً شاعر والذي قام بإعدامه في العام 1921م كما إنه أعتقل إبنها وزج به في غياهب السجون ولاشك إن الشاعرة كانت تعيش مأساة حقيقية لاتعرف فيها معنى للإستقرار النفسي وقد إطلعت على بعض أشعارها وكانت أغلبها تعكس تلك المعاناة النفسية المضطربة وإن كانت غير مصرحة والتي عاصرت وشاهدت بنفسها الإعدامات التي امر بها ستالين في حق شعراء وأدباء ومفكرين روس بمعسكرات الموت التي ذاع صيتها في عهده وكانت الشاعرة طيلة حياتها لم تبوح بشيئ مما شاهدته من وحشية هذا العهد من إعدام زوجها وإعتقال إبنها وطردها من إتحاد الكتاب ومنعها من نشر أشعارها لمدة عشرون عاما لقد كانت من أعظم شعراء روسيا ويكفيها فخراً ماقاله أحد عظماء شعراء روسيا الشاعر "اوسيب مندلشتام" وكما ورد في هذه المدونة: "حينما سئُل  عن مكانته الشعرية في تاريخ الشعر الروسي فأجاب: يكفي إنني أعيش في زمن آنـا آخماتـوفا. " ومما قاله عنها هو نفس الشاعر وهو رفيق دربها الشعري "أوسيب مندلشتام" "لقد حملت آخماتوفا الى الشعر الروسي طاقة هائلة، كما حملت إليه كل ثروات الشعر الرومانسي الروسي". وحين قرائتي لأحد دواوينها وجدت بأن الشاعرة جزء من سيرتها الذاتية تعكسها أشعارها وإخترنا منها هذه القصيدة  "قبو الذكريات"والتي يتضح لنا بأن نصوصها الشعرية تفصح عن مأساة سجون الاقبية بالمعتقلات في ذلك العهد البائد والتي تقول فيها :

لا ليس صحيحا بانني أعيشُ حزينة..
وان الذكريات تنسل مني..
وإنني ضيفة مقيمة 
عند الذكرى..
وانها تعذبني..!
فحينما أهبط الى القبو، وبيدي فانوسي.
يبدو لي ثمة صمت أخرس
يدوي على درجات السلم الضيق..!
ويتعالى دخان فانوسي.
ولا أستطيع الرجوع..،
بينما أعرفُ بأنني ذاهبة إلى عدوي..
فأرجو..
وأبتهل..
لكن ليس هناك سوى الظلمة..
والسكون..!!
إذن..
إنتهى إحتفالي..!
فها هي ثلاثون سنة قد مرت..،
منذ أن قادوا النساء إلى هنا..
وهنا..
مات سيد الفجور من وهن الشيخوخة..

لقد تأخرتُ..ياللفاجعة..
ليس علي أن أظهر في الأماكن العامة..
لكني ألمس الجدرات المرسومة
وأتلمـس دفء الموقد..
ياللعجب..
فمن خلال هذا الجدار الرطب..
كل هذا العذاب..
وهذه الحكمة..!!

إتقدت زمردتان خضراوتان..
ثمة قطة تموء:
 لنذهب إلى البيت..!
لكن..
اين بيتي؟؟
بل أين عقلي..؟؟

كتبتها في18 يناير 1940م

نامل ان وفقنا في تسليط الضوء على هذه الشاعرة المعذبة              

         محمد سعيد الحارثي
mhmdsdlhrth@gmail.com