النهار

٠٣:٥٣ ص-٢٨ مارس-٢٠٢٥

الكاتب : النهار
التاريخ: ٠٣:٥٣ ص-٢٨ مارس-٢٠٢٥       21450

بقلم: أحمد صالح حلبي 

كلما حل عيد الفطر المبارك، نسمع ونقرأ قصيدة المتنبي التي يقول في مطلعها: 

عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ

بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ

معتقدين أنه نظمها فرحا بقدوم عيد الفطر، غير أن القصيدة وإن حملت في مضمونها تهنئة بقدوم العيد إلا أنها حملت هجاء بحق حاكم مصر كافور الإخشيدي، بعد أن خاب المتنبي في تحقيق أمنيته في الحصول على سلطة أو مال منه، كما حدث له مع سيف الدولة الحمداني، مما جعله يضطر لمغادرة الشام التي نشأ فيها، مرتحلا إلى مصر الكنانة، حيث كان يحكمها واحداً من أكثر الحكام دهاءً وهو كافور الإخشيدي. 

والمتنبي الذي عرف بحرصه على مجالسة الأمراء والملوك، كان باحثا عن السلطة لديهم معتقدا أن مدحهم سيتمكن من الحصول على مبتغاة، غير أن اعتقاده باء بالفشل في الشام التي كان يحكم جزءا منها سيف الدولة الحمداني، مما جعله يضطر لمغادرة الشام التي نشأ فيها، مرتحلا إلى مصر التي كان يحكمها واحداً من أكثر الحكام دهاءً وهو كافور الإخشيدي. 

ونظم المتني تلك القصيدة من 30 بيتاً قبل رحيله عن مصر بيوم واحد، وفي يوم التاسع من ذي الحجة وهو يوم عرفة من عام 350هـ، وقف المتنبي معبراً عن حزنه لعدم الحصول على مبتغاه رغم انتظاره الطويل للأخبار السارة التي كان يحلم بها، فجأت قصيدته حاملة هجاءً لحاكم مصر كافور الإخشيدي، فقال: 

عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ب

بما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ 

أَمّا الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ

 فَلَيتَ دونَكَ بيدًا دونَها بيدُ 

إلى أن يأتي ويقول : 

العَبدُ لَيسَ لِحُرٍّ صالِحٍ بِأَخٍ 

لَو أَنَّهُ في ثِيابِ الحُرِّ مَولودُ

 لا تَشتَرِ العَبدَ إِلّا وَالعَصا مَعَهُ 

إِنَّ العَبيدَ لَأَنجاسٌ مَناكيدُ 

ليذكر كافور بماضيه وإنه كان عبدا اشتراه محمد بن طغج الإخشيدي، "المؤسس الأول للدولة الإخشيدية في مصر كان غلاما تركيا، تولى الولاية في مصر مكافأة له من الخليفة العباسي في عصره على تصديه لمحاولات الفاطميين دخول مصر واستطاع الاستقلال بمصر عام 940، وبعد وفاة السلطان محمد، تولى ابنه أبو القاسم حكم الدولة الإخشيدية، " وكان حينذاك في الرابعة عشر من عمره، ولكن لم يتمتع بحكم البلاد بمفرده حيث كان كافور الإخشيدي وصيا عليه بأمر من أبيه محمد بن طغج الإخشيد، وبمرور الوقت لم يكن لأنوجور شيء في حكم البلاد حيث كان كافور الإخشيدي تمكن من السيطرة على حكم البلاد وكان يصرف لأنوجور مرتبا سنويا يبلغ أربعمائة ألف دينار "، ثم ما لبث أن أصبح كافور حاكما لمصر بعد أن كان عبدا. 

وختاما فإن قصيدة العيد للمتنبي لم تكن معبرة عن الفرحة بقدوم العيد بقدر ماهي حاملة لهجاء حاكم مصر، فالمتنبي وإن عرف بشاعر العرب، " وأعجوبة عصره، وظلَّ شعره إلى اليوم مصدرَ إلهام للشعراء والأدباء. وهو شاعر حكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي. وتدور معظم قصائده حول نفسه ومدح الملوك "، وإن لم ينل نصيبه منهم يهجوهم. 

@ashalabi1380