عبدالله الكناني

١٠:٤٨ م-٢٤ سبتمبر-٢٠٢٥

الكاتب : عبدالله الكناني
التاريخ: ١٠:٤٨ م-٢٤ سبتمبر-٢٠٢٥       3080

بقلم - عبدالله الكناني 

نستعيد في يومنا الوطني الخامس والتسعين، للمملكة العربية السعودية مسيرة العطاء والنهضة التي امتدت على مدى قرن من الزمن، لتؤكد أن عزّها راسخ بطبعها الأصيل وقيمها الثابتة. 
ومن بين أبرز ملامح هذه المسيرة العريقة تتجلى السياسة الخارجية السعودية كركيزة أساسية رسّخت مكانة الوطن، وأظهرت للعالم صوتًا حاضرًا بالحق، مؤثرًا بالحكمة، وفاعلًا بالمسؤولية.
منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – أدركت الدولة الفتية أن بناء الوطن لا يكتمل إلا بمدّ جسور التواصل مع العالم. فجاء تأسيس وزارة الخارجية لتكون أول وزارة في الدولة الحديثة، ونافذتها نحو الخارج ولسانها المعبّر عن رؤيتها ومواقفها. بدأت الوزارة بخطوات متواضعة في جدة، ثم توسّعت سريعًا لتشمل سفارات وقنصليات وبعثات دائمة في مختلف القارات، حتى أصبحت اليوم واحدة من أبرز وزارات الخارجية وأكثرها تأثيرًا على الساحة الدولية.
اتسمت السياسة الخارجية السعودية منذ نشأتها بالاتزان والحكمة، فلم تكن مجرد ردود أفعال آنية، بل مبادرات واعية تستند إلى الثوابت الدينية والوطنية. 
وقفت المملكة منذ وقت مبكر إلى جانب القضية الفلسطينية، ودعمت حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وجعلت من هذا الموقف ركيزة ثابتة في تحركاتها الدبلوماسية، وهو ما تجدد في القمة الأممية الأخيرة التي ارتفع فيها عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين إلى 142 دولة، بدعم سعودي أصيل. 
كما كان للمملكة حضور بارز في القمم العربية والإسلامية والدولية، حيث سعت على الدوام إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي، وحل النزاعات بالحوار، ونبذ التطرف والعنف.
ومع تطور المكانة الاقتصادية والسياسية للمملكة، تضاعف تأثير دبلوماسيتها، فأسهمت الرياض في صياغة قرارات محورية داخل منظمة الأمم المتحدة، وقادت جهودًا دولية لمكافحة الإرهاب، ودعمت قضايا التنمية المستدامة ومواجهة التغير المناخي، لتبرهن على أن صوتها يتجاوز حدود الإقليم ليكون فاعلًا في الشأن العالمي.

واليوم، في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – تشهد السياسة الخارجية السعودية مرحلة جديدة من الحضور الاستراتيجي، حيث تقود ملفات دولية كبرى، وتعزز شراكاتها مع القوى العالمية، وتبادر بمشاريع دبلوماسية واقتصادية تعكس رؤيتها الطموحة لمستقبل أكثر أمنًا وازدهارًا.
إن وزارة الخارجية السعودية ليست مجرد مؤسسة إدارية، بل هي وجه الوطن وهيبته أمام العالم، وصوت قيمه ومبادئه الأصيلة. 
وفي اليوم الوطني 95، حين نردد شعار «عزّنا بطبعنا»، فإنما نستحضر هذا الدور العميق الذي جعل من المملكة قوة دبلوماسية وازنة، تصنع الفارق، وتؤكد أن العزّ الحقيقي هو ما ينبع من أصالة الطبع، ورسوخ الموقف، وصدق الرسالة.