النهار

٠٤:١٩ م-٢٧ فبراير-٢٠٢٥

الكاتب : النهار
التاريخ: ٠٤:١٩ م-٢٧ فبراير-٢٠٢٥       12485

بقلم: محمد السويعي

مع حلول شهر رمضان المبارك، يزداد جو الروحانية والتكافل الاجتماعي، حيث يتسابق الكثيرون لفعل الخير وتقديم المساعدات للفئات المحتاجة، سواء من خلال التبرعات المباشرة أو عبر الجمعيات الخيرية. غير أن هذه القيم الإنسانية السامية أصبحت بيئة خصبة للمحتالين الذين يستغلون رغبة الناس في فعل الخير لتحقيق مكاسب غير مشروعة، مستهدفين المتبرعين والمستهلكين بطرق احتيالية متعددة.

تُعد عمليات الاحتيال باسم الجمعيات الخيرية من أكثر الأساليب انتشارًا خلال هذا الشهر، حيث يقوم المحتالون بانتحال صفة منظمات معروفة أو إنشاء جمعيات وهمية بهدف جمع التبرعات. يلجأ هؤلاء إلى إرسال رسائل نصية أو نشر منشورات عبر منصات التواصل الاجتماعي، يدّعون فيها أنهم يجمعون أموالًا لمساعدة الأسر المحتاجة أو لعلاج المرضى، مستعينين بصور مؤثرة وقصص ملفقة لإقناع المتبرعين بسرعة التبرع دون التحقق من مصداقية الجهة المستلمة للأموال. كما يقوم بعضهم بإنشاء مواقع إلكترونية مزيفة تحمل أسماء مشابهة للجمعيات الخيرية الرسمية، ما يصعب على الأفراد التفريق بين الحقيقي والمزيف.

الاحتيال الإلكتروني عبر رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية يزداد أيضًا خلال شهر رمضان المبارك، حيث يستغل المحتالون حاجة العائلات إلى العمالة المنزلية ويقومون بإرسال عروض وهمية عبر البريد الإلكتروني أو عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، يدّعون فيها أنهم يوفرون عاملات بأسعار مخفضة مع طلب دفعات مالية مسبقة. وغالبًا ما يتم تصميم هذه الإعلانات بأسلوب احترافي يتضمن روابط مزيفة للدفع، ما يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة للضحايا.

إضافة إلى ذلك، يشهد خلال شهر رمضان انتشارًا لعمليات الاحتيال عبر التسويق الإلكتروني، خصوصًا عند اقتراب عيد الفطر، حيث يتم الترويج لملابس العيد ومنتجات بأسعار مغرية على مواقع غير موثوقة. وعادةً ما تكون هذه المنتجات مغشوشة أو ذات جودة رديئة، وفي بعض الحالات، لا تصل المنتجات إلى المشتري أصلًا، بعد دفع المبلغ مقدمًا. كما يقوم بعض المحتالين بإنشاء متاجر إلكترونية وهمية، تستهدف المستهلكين الراغبين في التسوق عبر الإنترنت بأسعار تنافسية، ثم يختفون بعد تحصيل الأموال.

ولا تتوقف عمليات الاحتيال عند هذا الحد، بل تشمل أيضًا استغلال الشعائر الدينية، مثل زكاة الفطر وتنظيم رحلات العمرة. بعض المحتالين يدّعون تقديم خدمات مثل إخراج الزكاة نيابة عن المتبرعين أو تسجيل الأسماء في برامج العمرة، ويطلبون دفع الأموال مقدمًا، ليختفوا بعد ذلك دون تقديم أي خدمة فعلية. هذا النوع من الاحتيال لا يضر فقط بالضحايا ماليًا، بل يمسّ أيضًا الجوانب الدينية والأخلاقية، حيث يتسبب في فقدان الثقة بالجهات التي تقدم هذه الخدمات بشكل شرعي.

لمواجهة هذه الظاهرة، من الضروري أن يتحلى الأفراد بالوعي والحذر عند التبرع أو الشراء عبر الإنترنت. يجب التحقق من مصداقية أي جهة قبل التعامل معها، والتأكد من أنها مرخصة من الجهات الرسمية. كما ينبغي تجنب مشاركة البيانات البنكية مع مصادر غير موثوقة، وعدم الانسياق وراء العروض المغرية التي تبدو غير منطقية. إضافة إلى ذلك، من الضروري الإبلاغ عن أي عمليات احتيال للجهات المختصة، لضمان عدم وقوع المزيد من الضحايا في شباك المحتالين.

علينا أن نعي في ظل التطور التقني، أصبح الاحتيال أكثر تعقيدًا وانتشارًا، إلا أن الوعي واليقظة يظلان خط الدفاع الأول لحماية المجتمع من هذه الظواهر السلبية، خصوصًا في شهر تُفترض فيه النوايا الصادقة والأعمال الخيرية الحقيقية.