

منى يوسف حمدان الغامدي
بقلم: منى يوسف حمدان الغامدي
في أمسية ثقافية وحراك مجتمعي راق وفريد من نوعه يتألق المبدعون ليواكبوا هذا التغيير الحاصل في كل مناشط الحياة السعودية مواكبة لمبادرات ومشاريع رؤية المملكة 2030.
ووزارة الثقافة تبدع وتبتكر برامج لتفعيل دورها في المجتمع السعودي ومن خلال مبادرة الشريك الأدبي التي أصبحت حاضرة في المشهد السعودي ومع ارتشاف كوب القهوة تقضي وقتا ثمينا يضيف لك ولثقافتك ويرفع من ذائقتك ويجعل الحياة أكثر جودة ومتعة حقيقية؛ عندما تبحر مع عالم الفن الرفيع الراقي واللوحة الجميلة التي تغذي روحك بإحساس فنان مرهف وعندما يكون الضيف بقامة رفيعة في عالم الكتابة المسرحية لابد أن تقف له احتراما وتقديرا وتنصت جيدا لكل حرف يتفوه به، ليست المرة الأولى التي أحظى فيها بالاستماع للأستاذ القدير المبدع إبراهيم الحارثي الذي تألق في أمسية (المسرح السعودي بين التعلم والممارسة) ولكن هذه المرة كان الحضور أقوى لغة وفكرا وأضاف لكل الحاضرين معلومات موثقة عن تاريخ المسرح وبداياته في السعودية، والذي تميز بقوة الكلمة ودقة المعلومات وبالتواريخ التوثيقية؛ للتاريخ نتحدث ونستحضر الماضي ونعيش الحاضر الأكثر اشراقا برعاية وزارة الثقافة التي جعلت هناك هيئة للفنون الأدائية وهي اليوم تضع بصمتها القوية في صناعة جيل احترافي يتلقى العلم والتخصص الدقيق في عالم الفن الرفيع ليكون للسعوديين اليوم كلمتهم وحضورهم القوي في المشهد الثقافي على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.
المحاورة أميرة الجهني بهرتني بلغتها وثقافتها وإعدادها الجيد والمحترف لكل التساؤلات التي طرحتها وكأنها قرأت ما يجول في أذهان الحاضرين لهذه الأمسية، فالحوار فن رفيع لا يتقنه إلا المثقفون المؤمنون بأهميته في حياتنا وفي كل المواقف وتتجلى أهميته في اللقاءات الفكرية والثقافية.
كلمة حق أكتبها بمداد الفخر عن الكاتب المسرحي المتميز الأستاذ إبراهيم الحارثي الذي كان حديثه وكلماته تنقل للحضور الشغف الكبير الذي يحمله للفنون المسرحية، وتساءلت في ختام الأمسية إن كان الشغف والإيمان بأهمية ودور المسرح في حياتنا هو المحرك الرئيس لكل الإبداعات التي قدمها وهو المعلم صاحب التخصص العلمي، ومن تكتب هذه الكلمات الآن هي أيضا كذلك شغفها الكلمة والحرف التي وجدت فيها ضالتها والقوة التي تمتلكها لتوثق كل ما يحدث في وطنها بكل حب وفخر، فسألت الخبير من لهذا الجيل اليوم في مدارسنا وهل حصص النشاط ووجود برامج الزامية عن الأداء المسرحي تكفي في ظل عدم وجود معلم مؤمن بهذه الرسالة؟ وفي ظل سيطرة مواقع التواصل الاجتماعي والأجهزة الالكترونية والألعاب هل نستطيع أن نجد من يكتشف المواهب على مقاعد الدراسة؛ وهناك فعلا مواهب كامنة تحتاج فقط لمن يتبناها؟ . وزارة التعليم اليوم تعقد شراكة نوعية مع وزارة الثقافة ليكون هناك منهج متخصص معتمد يسهم بشكل كبير في اكتشاف المواهب الفنية وإعادة صياغة الفكر الإنساني عند جيل المستقبل ليعي جيدا أهمية الفنون في حياتنا الإنسانية. منهج متكامل سيظهر للنور قريبا أسعدني كثيرا بأننا مقبلون على أيام سعد حقيقية نتصالح فيه مع الحياة من خلال تنمية الحس الفني وتذوق الجمال في كل ما يحيط بنا.
الحياة تستحق أن نعيشها بألوان الطيف الجميلة التي ترتسم في سماء صافية بعد هطول المطر ونزول الغيث الذي يغيث العقول والقلوب معا ليعلن ولادة حياة متجددة على كوكب الأرض.
وتلك الأيام التي كنا لا نعرف فيها الا اللونين الأبيض والأسود فقط ولت وانتهت.
عدت بذاكرتي لمقاعد الدراسة في الثانوية الخامسة هناك تعلمت فنون الخط العربي في حصص الفراغ من معلمة الأحياء، وتعلمت فنون الإلقاء والخطابة وتأدية بعض الأدوار المسرحية البسيطة جدا في الحفل الختامي ؛وكذلك تقديم الحفل والإذاعة المدرسية، وتعلمت فن النحت على الخشب وكيفية مزج الألوان واختيارها بدقة وعناية فائقة . رحم الله معلماتي الرائعات اللاتي لم يمنعهن التخصص الدقيق من تنمية الحس الفني عندي رغم تخصصي العلمي البحت في الفيزياء يبقى للفن سطوته وكلمته وجماله الأخاذ الذي يجعلني أشعر بأن الحياة أجمل مما قد يكدر صفوها لحظات الألم والفقد والخذلان ومرارة الأيام ولكنها هي الحياة لابد من الإيمان بأنها خليط من المشاعر والأحاسيس والتجارب التي تجعلنا أقوى. شكرا لمن يجعلون أيامنا سعيدة ومبهجة وشكرا من الأعماق للرائعين المبدعين الذين يمثلون الوطن في المحافل المحلية والإقليمية ويحصلون على الجوائز ومن ثم يتواضعون تواضع العظماء فلهم كل التقدير والاحترام أنتم مصدر فخرنا وسعداء بوجودكم بيننا ومعنا.
سيكتب التاريخ اسمك أستاذ إبراهيم الحارثي بمداد من نور وستفخر بك ذريتك وطلابك لأن لك بصمة قوية في عالم الكتابة المسرحية السعودية.

