

محمد السويعي
بقلم: محمد السويعي
تطبيق تيك توك (TikTok) يعود إلى الساحة الأمريكية
أعلنت السلطات الأمريكية رفع الحظر عن تطبيق مشاركة الفيديو تيك توك بعدجدل واسع حول الخصوصية والأمن القومي. يتجاوز عدد مستخدمي التطبيقالنشطين في الولايات المتحدة 150 مليون شخص، مما يجعله واحدًا من أكثرالتطبيقات شعبية. لكن، ماذا يعني هذا التطور لمنصة تيك توك والمشهد الرقميفي الولايات المتحدة؟
خلفية الصراع
جاء قرار الحظر الأولي بسبب مخاوف أمريكية من احتمالية استغلال الحكومةالصينية بيانات المستخدمين الأمريكيين، نظرًا لملكية التطبيق من قبل شركةبايت دانس (ByteDance) الصينية. أثارت هذه المخاوف نقاشات حادة حولالخصوصية الرقمية والسيادة التكنولوجية، خاصة في ظل التوتراتالجيوسياسية والاقتصادية بين واشنطن وبكين. مع ذلك، نفت تيك توك مرارًاالادعاءات التي تشير إلى نقل بيانات المستخدمين للحكومة الصينية. وأكدتالشركة أنها اتخذت إجراءات لضمان حماية خصوصية المستخدمينالأمريكيين، بما في ذلك تخزين البيانات داخل الولايات المتحدة من خلالشراكات مع شركات تكنولوجيا أمريكية كبرى.
دوافع سياسية واقتصادية
تبرر السلطات الأمريكية موقفها بمخاوف تتعلق بخصوصية بياناتالمستخدمين، مشيرة إلى أن تطبيق تيك توك يجمع كميات كبيرة من البياناتمثل الموقع الجغرافي وسجل التصفح، وهو سلوك مشابه للعديد من التطبيقاتالأمريكية. ورغم مشروعية هذه المخاوف، فإنها تثير تساؤلات حول ازدواجيةالمعايير، حيث تواجه شركات أمريكية كبرى مثل ميتا وغوغل اتهامات مماثلةدون أن تتعرض لتهديدات بالحظر. على سبيل المثال، فرضت الحكومة الأمريكيةفي عام 2020 غرامات بملايين الدولارات على شركات محلية بسبب انتهاكاتتتعلق بجمع البيانات بطرق غير قانونية، دون أن تؤدي تلك الانتهاكات إلىدعوات لحظرها. هذا الواقع يعزز الشكوك بأن استهداف تيك توك قد يكونمدفوعًا بدوافع سياسية أكثر منه مخاوف أمنية.
أثر رفع الحظر على تطبيق تيك توك
رفع الحظر يمثل انتصارًا كبيرًا لتطبيق تيك توك، إذ يعتمد التطبيق بشكل كبيرعلى السوق الأمريكي لتحقيق عائدات ضخمة من الإعلانات. تقارير حديثةتشير إلى أن 25% من إيرادات تيك توك العالمية تأتي من الولايات المتحدة. بالتالي، استعادة ثقة المستخدمين والمعلنين الأمريكيين ستكون أساسية لتعزيزموقعه في السوق العالمي.
إلى جانب ذلك، يعزز رفع الحظر مكانة تيك توك كمنصة رئيسية لصناعالمحتوى، الذين يعتمدون عليها بشكل كبير لتحقيق دخل شهري. وفقًا لتقارير،يعتمد أكثر من 5 ملايين صانع محتوى أمريكي على تيك توك كمنصة رئيسية،ما يجعل التطبيق جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد الرقمي في البلاد.
أثر رفع الحظر على الاقتصاد الأمريكي
رفع الحظر لا يصب في مصلحة تيك توك فحسب، بل يحمي كذلك الآلاف منالعاملين في الاقتصاد الرقمي الأمريكي. صناع المحتوى في الولايات المتحدة،الذين يعتمدون على تيك توك للترويج لمنتجاتهم وتحقيق دخل شهري، لنيضطروا الآن إلى البحث عن بدائل قد تكون أقل تأثيرًا. بالنظر إلى الاقتصادالرقمي ككل، تُظهر الأبحاث أن تيك توك يساهم بخلق فرص عمل جديدة منخلال دعم الصناعات الإبداعية والشركات الصغيرة.
فرص وتحديات تطبيق تيك توك بعد رفع الحظر
رغم رفع الحظر، يظل التحدي الأكبر أمام تطبيق تيك توك هو الحفاظ على ثقةالمستخدمين والجهات الحكومية. تطبيق مبادرات إضافية لضمان الشفافيةوحماية البيانات قد يساعد في تقليل المخاوف. على سبيل المثال:
• إنشاء مركز شفافية في الولايات المتحدة، يتيح للخبراء والحكومات مراجعةأنظمة التطبيق بشكل دوري.
• تعزيز التعاون مع الشركات الأمريكية، لضمان تخزين البيانات بشكل آمنووفقًا للمعايير الأمريكية.
• التواصل المستمر مع المستخدمين، من خلال حملات توعوية حول سياساتالخصوصية الجديدة.
رفع الحظر عن تيك توك في الولايات المتحدة يبرز الأبعاد المتشابكة للصراعالرقمي بين القوى الكبرى. بينما يعزز القرار من قدرة التطبيق على المنافسة،إلا أنه يضع أيضًا مسؤولية كبيرة على عاتقه لتحقيق التوازن بين النمو وحمايةالخصوصية. مع استمرار العالم في التحول نحو الاقتصاد الرقمي، يمثل هذاالتطور فرصة لإعادة تعريف مستقبل التكنولوجيا في ظل عالم يزداد ترابطًا.يمكن لتطبيق تيك توك أن يستغل هذه الفرصة لتوسيع خدماته وابتكار ميزاتجديدة تُعزز من تجربة المستخدم. كما أن تعزيز التعاون التكنولوجي بين القوىالعالمية قد يكون بداية لعهد جديد من الابتكار المشترك، الذي يوازن بين المصالحالاقتصادية والأمنية.

