جيلان النهاري

٠٧:٤٠ م-٠٦ يناير-٢٠٢٥

الكاتب : جيلان النهاري
التاريخ: ٠٧:٤٠ م-٠٦ يناير-٢٠٢٥       20845

بقلم: جيلان النهاري
 
لاحظت هذه الأيام على شاشات التطبيقات المصورة ظهور متخصصين نفسيين دائما يخاطبون المتابعين لهم على أنهم قد يكونون شخصيات سامة أو يعيشون مع شخصيات سامة، وأن  النرجسية  لها صفات سلبية موجودة فيهم، وكذلك أن هناك مجرمين في العلاقات وهناك ضحايا قد يكونون هم بالتناوب والعكسية.
فيأتي صديقي المتابع لهم يقول لي:
أنا لست نرجسيا، أنا لست متصفا بالكبرياء، الغرور، التسلط، والأنا، لا أظلم، وأقول الحق، ويغضبني المجادل، ويشيط غضبي المناقش، أنا شخص أحب الخير، لمن يستحق، والذي لا يستحق الخير لن نقف معه، نعم أنا حكمت ورأيت من تصرفاتهم وأخلاقهم وأفعالهم إنهم يحملون من الصفات السيئة مالا يتحمل ذكرها لسان بشر، والحمدلله أنني واعٍ لأمثال هؤلاء.
إياك أن تفهمني غلط، وتظن أنني أريد التحكم بك، فأنا أترك الذي لا يناسبني ويتناسب مع رغباتي وميولي،  ولا يهمني رضاه، ولكن يجرحني ويدمع عيناي ويدمي قلبي ويكسره إن خالفني، أنا لا أحب أن أكون نرجسيا، ولن أكون.

● ماهذا يا أخي النرجسي، عفوا الغير نرجسي، عفوا ذو الأنا؟.
لا عليك أنت لست نرجسيا مطلقا بنسبة كبيرة مثلي فأنا لست نرجسيا بنسبة كبيرة، ولكن هذا صديقنا الذي أشير إليه تعرفه جيدا إنه نرجسي لدرجة كبيرة، ترى من تصرفاته وأفعاله وأقواله وتحركاته في محيطه إفرازا سَيَّالاً من سموم العلاقات يصيب من حوله بالشلل، وتصلب الحركة الإرادية، وثقل اللسان، وتوقف التفكير، والقبول بالموت البطيء للذات دون أي إعتراض أو رد فعل إيجابي ممن حوله الذي يحيطون به، حتى في محاولتهم التحرك مما يشعرون به من أذى ليعملوا على إنقاذ أنفسهم من هذه  النرجسية  المسمومة لم يستطيعوا.

إذا نحن نتعرف إلى ماهي العلاقات السامة، وكيف تنشأ، ومن أطرافها، وماهي أسبابها، وكيف يمكن التخلص منها، والحياة بسلام؟.

كل ما سبق من سرد، في وجهة نظري المتواضعة يجعلني أُقِرُّ أن أصحاب الحلول نرجسيون ولو بنسب قليلة من النرجسية، وأصحاب التعقيدات، وأصحاب التعاملات واتخاذ القرارات أو من يعجزون عن أي قرارات، فيهم نسبة نرجسية، فالجميع يحملون كميات من السموم قد تساعد على تسميم أي علاقة يعيشونها، دون أن يشعرون أنهم أشخاص حاملون صفة  النرجسية  ونافثون سموم قتل العلاقة، ولا يعترفون، ولا يتقبلون المصارحة، وقد يهجرون العلاقة ظانين أنهم تخلصوا منها كعلاقة سامة كانوا يعيشوها، وفي شخصيتهم معامل منتجة لمركبات السموم كفيلة بتسميم أي علاقة قادمة في حياتهم، ومنهم من يعمل إيجابا في تهذيب وتوجيه نرجسيته نحو أهدافه، وبشكل يقدر قيمته الذين تربطهم معه العلاقة بظروفها.

النرجسية جينات وجدت مع النفس البشرية، تتغذى على العواطف والمشاعر وتنوع العلاقات منذ الولادة، فمنذ خلق آدم، وتجسدت أولى علامات  النرجسية  في إبنَيَّ آدم، فالنرجسية حسب رأيي المتواضع هي جينيا سلوكا ليس مكتسبا من العلم أو الحياة وإنما جينات متواجدة في جميع البشر بجميع أجناسهم وعرقياتهم، لا يمكن التغلب على  النرجسية  سوى بتهذيب النفس وذلك يكون بتقوية العلاقة الجوهرية بين روح العبد وربه خالق الروح، وكسر الأنا في النفس وتدريب النفس على التحمل، ومقاومة الضغوط بالقناعة والرضا وحسن إستقبال عوارض الحياة وتصرفات الآخرين المستفزة، والمثيرة والمنفرة، والمقلقة مهما بلغت، على أن نضع نرجسيتنا المهذبة، تعمل دورها الإيجابي لحفظ الكرامة، ولجم أي شخصية سامة من شل حركتنا ولساننا من أن نكون مستقلين بعواطفنا وأخلاقنا وآراءنا دون أن نستسلم وننقاد مع حياتنا إلى جحيم المظلومية في علاقاتنا.