

جيلان النهاري
بقلم - جيلان النهاري
بر الوالدين أكبر شهادة حسن سيرة وسلوك في حياة الأبناء، ليكون هناك مجتمعا صالحا.
يقول تقدم لإبنته شاب يحمل صفات الرجل الوسيم صاحب الوظيفة المنصب المحترم جاهز من جميع الصفات المؤهلة لفتح بيت مكتمل الأركان من الناحية المادية، جلست معه وتحدثت اليه ووجدت فيه الشاب اللبق في الحديث المنطقي في التفكير المثقف وفي أمور التعاملات المؤدب في السلوك ولغة الجسد النظيف الهيئة، والده رجل ذو صفات حسنة وقيمة اجتماعية راقية رجل عصامي عابد تقي خلوق.
قال لي: بناء على صفات والده والسؤال عن والده، وكيف هو في بيته مع زوجه وأبناءه، وكيف هي زوجته أم هذا الشاب ، كانت الإجابة على أسئلة [كيف؟] جميعها راقية ومطمئنة، جعلتني أتوقف عن السؤال عن الشاب وأخلاقه وتعاملاته مع زملائه في العمل وأصدقاءه المقربين إليه، والذهاب إلى والده مباشرة بأن يجيبني عن سؤالي بالجواب الحاسم لأخذ قراري في أن أقبل ابنه زوجا صالحا لابنتي ليعينها وتعينه في نشأة ذرية صالحة وبيت صالح لوطن صالح:
كيف ابنكم معكم أنت ووالدته وبره بكما؟.
ولإيماني بنزاهة هذا الأب ومما جمعته عنه وعن زوجته أجاب مباشرة:
إنه نعم الأبن البار بي وبأمه، ولو كان ليس إبني وهو بنفس ظروف إبني، وأعرف ما أعرفه عنه ولي إبنة لذهبت إليه وخطبته لابنتي.
يقول لي والد البنت المخطوبة:
هنا كانت شهادة بره بوالديه وإشادة أباه بسلوكه في حياته اليومية هو العامل الرئيسي لقبوله زوجا صالحا لابنتي، ولمعرفتي حقيقة بره بوالديه، جلست مع إبنتي وطلبت منها أمرا واحدا هو أن تقبل بالعيش معه إن رغب الإقامة مع والديه في بيت واحد وتعينه على برهما واحترامهما والنظر إليهما كوالديها لهما السمع الطاعة وأن تكون إبنة صالحة بجانب أخواتها الجدد في المنزل الذي ستلتحق إليه، وكان ماكان.
تعيش إبنته السعادة وتلقى من الجميع الحب والإحترام وأصبحت أُماً صالحة في بيئة صالحة جميلة سعيدة متأقلمة مع كل الظروف وهي تشعر بالرضا التام من الحب الذي تلقاه مقابل تعاملها الحسن مع الجميع.. إنتهى.
كثير من الزيجات الإيجابية مصدرها كيف هي تربية التعاملات الملقنة للأبناء من الوالدين، وكيف يكون الإحترام بين الوالدين وإن كانا منفصلين لظروف الحياة التي قد باعدت بينهما سببا في بناء سلوك حسن وجميل وراقي، وذلك لاستمرار التفاهم بين الوالدين في تحقيق التربية الصالحة حتى وإن كانوا الأبناء بين بيتين متفرقين.
الود والفضل بين الزوجين وإن أفترقا يعطي حياة آمنة راقية للأبناء، تَحَمُّل كل واحد من الأبوين مسؤليته تجاه الأبناء والشعور بتحمل المسؤلية من كل طرف يعيشان مع بعضهما أو كانا في ظرف الإنفصال واجب ديني يتم زرعه في الأبناء والبنات قبل أن يدخلوا تجربة الزواج سواء نجحت أو لم تنجح، ولكن يبقى التأسيس الديني في أن الفضل بينهم هو البذرة الرئيسية في إصلاح المجتمع الأسري.
في عصرنا الحاضر، والنظر إلى إحصائيات نسب الطلاق والخصومات الكبيرة بين الأزواج في المحاكم سببه هو غياب الوازع الديني في قوله تعالى:
[وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ۚ وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۚ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237)] سورة البقرة.
وتبقى الحياة الصالحة بين الزوجين وإن افترقا مبنية على فضيلة العفو وخُلُق عدم نسيان الفضل بينهما ليكونا ركيزتاً لبناء مجتمعٍ صالح.

