

جيلان النهاري
بقلم - جيلان النهاري
على مساحة الوطن الكبير المقدرة باثنين مليون وربع كيلومتر مربع وعلى مدى تاريخ كبير تواجدت الأعمال الخيرية كجمعيات تخصصت فقط في تقديم المعونات المالية والغذائية والكسوات للمحتاجين من الأسر الفقيرة، والأيتام، وكذلك رعاية المقطوعين من كبار السن والأطفال.
وكان يتم تجميع الأموال الموجهة لخدمات تلك الجمعيات بدون آلية متقدمة محكمة خاضعة لأي رقابة أو محاسبة، وحتى الإشراف كان ضعيفا، واحيانا بالعلاقات والمعرفة والثقة المتبادل بين المسؤول الرقابي البسيط التنظيم وجهاز الجمعية يتم تجاوز التدقيق في المدخولات والمصروفات والنسب الموجهة لأهداف الصرف، ونسب بنود الصرف ما بين صرف غالبية التبرعات في رواتب العاملين عليها [الصدقات] وبين والمناسبات والاحتفاليات والمعاملات، وتكاد تصل إلى 75% من دخل التبرعات. بيننا يذهب ما يقارب 25% إلى وجهها الحقيقي السليم.
مع خطط التحول الوطني في المجال الإنساني وتطويره، واتجاه الدولة عن طريق وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وعبر المركز الوطني لتنمية القطاع الغير ربحي، رأينا تسجيلات هائلة لأعداد المؤسسات الغير ربحية مضافا إلى الجمعيات السابقة، ورأينا تنوعا في مسميات تلك الجمعيات وتنوع في التوجهات أيضا، وبنفس الوقت نجد بالتوازي تحرك كبير من المؤسسات والشركات التجارية والمالية بإفتتاحهم أقسام للمشاركة في المسؤولية المجتمعية، حيث دعمت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية هذا التوجه عبر المنصة الوطنية للمسؤولية الاجتماعية، وكانت الحركة الخدمية في القطاع الغير ربحي نشطة ومتحركة بشكل جيد، إلا أن هناك مازالت بعض الجهات ذات الخبرات القديمة الأكثر تنظيما إداريا وورقيا ومحاسبيا، مازالت نسبة صرفيات مدخولاتها المالية على التنظيم والتوظيف المناسبات أكبر أو يوازي نسبة توجيه صرفيتها للأوجه التي أنشئت لأجلها هذه الجمعيات والمؤسسات الغير ربحية.
وأيضا بحكم كبر عمر العديد من الجمعيات في سوق العمل الخيري المجتمعي السعودي وجدنا أن الجمعيات ذات القدم من حيث التأسيس نحوز الدعم الأكبر عن غيرها الجمعيات الجديدة المتلقية للدعم المالي المقدم من أقسام المشاركة المجتمعية في المؤسسات والشركات المالية التجارية في المملكة، وقد نجد أيضا في الشراكات البينية التي تشجعها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للقطاعات الغير ربحية والربحية، تعملق أصحاب المكانة السوقية في المجال الغير ربحي وإن كانت توجهات من يشاركها أكبر منفعة وأكبر شغفا لمنسوبيها في تحقيق إضافة خدمية لم تكن موجودة من قبل، ومبادرات لم يصل إليها من قبل أحد غيرهم.
القائمين على الجمعيات والمؤسسات الغير ربحية الصاعدة، التي أنشئت في السنوات القليلة الماضية يقتبسون دورهم من أشقائهم أصحاب الباع الكبير في هذا السوق الخيري للخدمات الغير ربحية، ولنحسن التفكير أن الجميع أتجه إليها لغرض إنساني ليس له صلة في إحداث المكانة المجتمعية والبرستيج أو المنفعة المالية كراوتب عالية تستقطع للأعضاء مقابل ما يقدمونه مما يستنزف المدخلات دون أن يكون هناك انتاج ملموس، ومبادرات محسوسة ذات قيمة ومردوده مجتمعي محسوس.
حقيقة العمل الرقابي المصاحب للعمل التمكيني الذي تقوم به الجهات الحكومية والمنصات والمراكز الوطنية تجاه الجمعيات عامة دون استثناء أو تفريق، يعطينا التلميح إلى إقتراح الرفع من مستوى الجمعيات الجديدة الناشئة بتوجيه المؤسسات والشركات التجارية والمالية الكبرى بدعمهم وتوقيع الشراكات معهم، وخاصة أن مسميات الجمعيات الجديدة والناشئة متنوعة التوجهات وتخدم رؤية السعودية 2030، وكما وردني من بعضها أن القائمين عليها يريدون العمل لأجل تقديم خدمة انسانية تعود عليهم بالنفع النفسي الإنساني لاغير، وهم لا يملكون موهبة العلاقات والبحث عن الدعم وطلب المعونات التي تساعدهم في تقديم رؤية ورسالة وأهداف جمعياتهم بالشكل المطلوب والمأمول النتائج.
وهم منفتحون مع أهمية تشديد الرقابة المالية لجميع الجمعيات والمحاسبة على المصروفات والنثريات التي لا داعي منها إن وجدت والتي كانت في السابق قبل التنظيم الجديد المحكم.
ربما بعد التمكين والمتابعة والمحاسبة ونظام الحكومة قد نجد في 2025م الى 2030م خروج العديد من الجمعيات الكبرى والصغرى أو أن يتم الإشراف عليها بشكل أكثر فاعلية من جهات أكبر خبرة، وقد نجد اندماجات ممكن تحصل، مع التأكيد أنه إذا حصل ذلك فإنه سيكون أكثر منفعة وفي الصالح العام الذي ينشده ولاة الأمر عبر المؤسسات الحكومية والوطنية لأهداف تحقيق الرؤية السعودية في هذا القطاع.

