

النهار
بقلم - منى يوسف الغامدي
مركز اليونسكو الإقليمي للجودة والتميز في التعليم بالتعاون مع وزارة التعليم بالمملكة العربية السعودية وبرعاية معالي وزير التعليم رئيس مجلس إدارة المركز عقد ورشة عمل إقليمية بعنوان ( جودة سياسات وممارسات التعليم عن بعد في التعليم العام في الدول العربية) بحضور مفكرين وخبراء مختصين من عدة جهات محلية وإقليمية دولية، في التاسع من أكتوبر ومن الساعة العاشرة صباحا وحتى الثانية والنصف بعد الظهر، وتمكنت من حضورها عبر قنوات الاتصال المرئي عن بعد، وتمكنت من نشر روابط هذه الورشة الثرية بما تم طرحه من قيمة عالية من خلاصة الفكر الإنساني والبحوث الميدانية التي تلامس واقعا نعيشه اليوم في زمن الثورة المعرفية الرقمية التي أصبحت حقيقة مفروضة وتستوجب على من يؤدون أمانة التعليم أن يواكبوا هذا التغير ويعملون على تطوير مهاراتهم من أجل تحقيق معايير جودة الأداء بممارسات عالية الجودة والتميز.
هذا المركز الأول والفريد من نوعه اتخذ مقرا له المملكة العربية السعودية ليكون بيت خبرة متخصص في مجال الجودة والتميز في التعليم ودعم تحقيق التنمية المستدامة محليا وإقليميا وعالميا ويعزز دوره دعم قيادة المملكة أيدها الله لرسالة اليونسكو الإنسانية من خلال الإسهام في تمكين جودة النظم التعليمية في الدول العربية لتحقيق جودة التعليم للجميع، وكلمة حق تقال هناك جهود حثيثة من قيادة هذا المركز ممثلة في سعادة الدكتور عبدالرحمن المديرس وفريق العمل الاحترافي الذي يخطط لكل فعالية وكل برنامج أو ورشة بما يواكب تحديات المرحلة الراهنة في التعليم.
سوف أتطرق لبعض النقاط التي سجلت وأنا أتابع كل كلمة وأدونها من خلال الجلستين العلميتين التي استقطبت كفاءات وخبرات محلية ودولية وإقليمية أثرت الجلسات بخبرات نوعية.
ركزت الورشة على ضمان التعليم الجيد الشامل للجميع وتحسين فرص التعلم مدى الحياة والعمل على تقليص الفجوة المعرفية التي تسببت فيها عدم قدرة بعض الدول من تحقيق الوصول للإنترنت؛ لضعف البنية التحتية لتفعيل التعلم الرقمي ، وتم التأكيد على دور المعلم وبأنه لن يكون هناك تعليم بدون معلم يتفهم احتياجات الطلبة متسلحاً بأدوات العلم المتطورة والرقمية لتحقيق مزيد من التفوق والتميز والريادة.
التعليم عن بعد أصبح جزءا أساسيا في العالم اليوم لخفض الجهد ولتحقيق فرص الوصول إلى مواد تعليمية وتحفيز الابتكار التعليمي؛ لذا لابد للمعلم أن يتعلم التقنيات الجديدة وتوفير محتوى رقمي يجذب الطلاب ويحفز الإبداع والشغف المعرفي.
قدمت الورشة إطار اً استرشادياً مقترحاً لتعزيز جودة سياسات التعليم عن بعد لتعزيز جاهزيتنا للتعليم في المستقبل.
في الجلسة الأولى تم التأكيد على دعم الرسالة الإنسانية لتوفير حق التعليم وجودته كأحد مرتكزات التنمية الشاملة وبناء أنظمة تعليمية ذات قدرة فائقة تتخطى الأزمات من خلال حلول مبتكرة تساعد في إحداث نقلة نوعية.
هناك فرق كبير بين التعليم التقليدي وبين التعليم الرقمي التفاعلي الذي يحفز الطلبة على العملية التشاركية في بناء المعرفة واكتسابها والإبحار في عالم رقمي يستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي ويعايش ثورة معرفية جديدة.
تم التركيز على أهمية التخطيط الاستراتيجي بأهداف واضحة ودقيقة حتى تكون الانطلاقة قوية للتعليم عن بعد بعيدا عن الاجتهادات على كافة المستويات من الوزارة وحتى البيت والأسرة ،كما أن التخطيط المالي له أهميته وكذلك عمليات الحوكمة ووجود الأدلة وتحديد الأدوار والعلاقات بين جميع المستويات، فالمخطط دوما للسياسات يراقبها ويجعلها في بؤرة الاهتمام.
توقفت عند بيتي الشعر التي ختم بها الدكتور عبدالرحمن السلمي عضو الفريق البحثي وهو يتحدث عن المعلم :
معلمي لك تقديري وعرفاني .... بنيت معرفتي رسخت إيماني
قيمت مني سلوكي في توازنه... كيما أعيش جميلا بين إخواني
بما بذلت معي أصبحت ذا ألق ... وها أنا ذا علا بين الملا شاني
يكفيك يا سيدي دوما مشاركتي ... في أجري حتى مناجاتي وقرآني
الحديث عن المعلم له شجون ووقفات كثيرة لكن وضع كفايات للمعلم الذي يمارس التعليم عن بعد ضرورة ملحة لمساعدتهم لأداء التعليم بشكل جيد.
كم نحن بحاجة إلى تطوير سلسلة من الموارد التي تساعد على طمأنة أولياء الأمور ، وتهيئة البيت للتعليم عن بعد وتوضيح الدور المناط بهم وهنا يأتي دور الوعي المجتمعي والإعلام في كل الوسائل المتاحة لتحقيق الشراكة المجتمعية الفاعلة بين كافة الجهات لتحقيق الهدف المنشود.
نحن بحاجة اليوم لتوفير منصات للتعليم عن بعد واستقطاب الفكر الشاب الذي يمتلك الشغف بعالم التطبيقات ويحتاج لإتاحة الفرصة له ليشارك في دعم العملية التعليمية بروح شبابية مبدعة في مجال التقنية.
كما نحتاج لنشر الممارسات المتميزة لتكون نبراسا يحتذى به فالفكر الإنساني المبدع يبنى على أفكار سابقة والمعرفة تراكمية وقد تكون فكرة من أحدهم تحفز خلايا الدماغ عند شخص آخر ليضيف ويبتكر والمستفيد هو التعليم ومخرجاته.
ولن يجدي ذلك نفعا إن قصرنا في تصميم برامج مهنية قوية للمعلم ولكافة الطاقم المدرسي وللطلاب لتدريبهم على استخدام المنصات التعليمية بكفاءة وجودة عالية وبتفاعل إيجابي.
كل هذا العمل يحتاج للتقويم لعمليات التعلم والتعليم من أجل بناء تغذية راجعة تكون وصفية وليست رقمية بحتة.
وقفة أخيرة عند التجارب الناجحة التي نفذت في وزارة التعليم منذ سنوات كالمدارس الرائدة التي لي معها ذكريات لا تنسى حيث كنت أدير هذا المشروع في تعليم البنات بينبع وكان نواة لمدارس تطوير التي أيضا كان له دور في تحقيق نقلة نوعية في مسارات التعليم وجودته نحن اليوم لا نمتلك بيانات وتغذية راجعة لكل هذه التجارب وهذا حق أصيل لكل تربوي ليسهل الرجوع إليها.
التخطيط الجيد يتطلب تقويما جيدا ، شكرا للفريق البحثي بقيادة الدكتور عبدالرحمن كمال لكل هذا الطرح العلمي الرصين والدراسة البحثية المسحية التي قدمت كانت مميزة بمشاركة عدة دول ( السعودية، مصر ، الأردن، فلسطين، المغرب).
ثراء معرفي يليق بهذا المركز وقيادته ولم تستطع كلماتي في هذا المقال أن تفي بوصف الحالة المعرفية التي عشتها والحرص الشديد على توثيق ما دار من نقاشات علمية ولعلي أرجع لأتحدث عن التوصيات ومخرجات الورشة في المقال القادم.
كل الشكر والامتنان لمن يبذلون من وقتهم وجهدهم لتقديم خدمات تعليمية عالية الجودة والتميز.

