جيلان النهاري

٣٠ سبتمبر-٢٠٢٤

الكاتب : جيلان النهاري
التاريخ: ٣٠ سبتمبر-٢٠٢٤       16170

بقلم - جيلان النهاري 

في ثمانينيات القرن الماضي قامت نهضة عمرانية كبيرة من حيث إمتداد الطرق الحديثة والميادين التي تربط بين التقاطعات وتزيينها بالمجسمات الجمالية التي توزعت فيها وعلى جوانبها، وتوسعت  مدينة جدة  طولا من جنوبها بمحاذاة كورنيشها الجنوبي من وسط البلد إلى شمالها وكذلك شرقا، وتعاظمت فيها المخططات السكنية ما بين منح وأراض تم رسمها وتخطيطها بشكل جميل حتى أنها أصبحت لوحة جميلة يراها القادم من السفر ليلا عبر الجو من أجمل مدن العالم منظرا.

وعبر كل تلك السنين التي تجاوزت الأربعين عاما تعرضت  مدينة جدة  لكارثتي السيول في عامي 2009 و2011، والدولة حفظها الله اهتمت بهذه الكارثتين ورصدت مبالغ باهظة لعدم تكرارها، إلا أنها تكررت في عام 2023 رغم تصريحات المسؤولين على حلها: أنها أنتهت.

خلال مدى كل هذه السنوات تتعرض جدة لكثير من العمليات الجراحية المعقدة على عدة نواحي جميعها تختص بالبنية التحتية من تمديدات الكهرباء إلى تمديدات المياه وتحديدا الصرف الصحي ومشاريع تصريف مياه الأمطار ومشاريع التغلب على هبوط الطرق بحلول متعددة لتجفيف المياه الجوفية، إلى إعادة تنظيم الطرق والعمل على إلغاء بعض الميادين، ومد الجسور وحفر الأنفاق لتسهيل حركة المرور، ونحن أهالي  مدينة جدة  نتابع كل يوم تلك الأعمال وندعو الله دائما بالتوفيق ونجاح تلك المشاريع ( العمليات الجراحية المعقدة ) القائمة على معالجة المشاكل التي لحقت بجدة نتيجة النهضة العمرانية التي قامت خلال 40 عاما بالإهتمام بمظهرها الجمالي دون أن تخضع للتخطيط السليم لبنيتها التحتية.

اليوم تصحو  مدينة جدة  على نفسها وهي عبارة عن مدينة فاقدة لوجهها الجميل كعروس البحر الأحمر نتيجة كثرة الحفر التي تغزو شوارعها تحت عدد من المشاريع المسماة بتصريف مياه السيول وتمديدات المياه والصرف الصحي والكهرباء والألياف البصرية كلها معا، بين حفر تفتح في موقع وتغلق وتعود تفتح من جديد في نفس الموقع حتى أصبح أهالي جدة مصابين بحالة من التشكك في مدى نجاعة هذه المشاريع، ومدى إلتزام المنفذين لها بمعايير جودتها وكذلك بالزمن المحدد لإنهائها.

مازالت جدة تعاني من الناقلات الثقيلة وتجولها في شوارعها رغم تحديد مواعيد لها، ومازالت جدة تنتشر في شوارعها الحفر والمطبات وتغيب عن طرقها تنظيمات خطوط الطرق واللوحات الإرشادية المرورية، ناهيك عن عدم التزام بعض أصحاب مشاريع البناء بمعايير السلامة للطرق على جانبي المشروع، وغياب الرقابة الدائمة عليها.

اليوم نحن على مشارف العام 2025 ولا نعرف ماهو اليوم المحدد لنجد جدة مكتملة الشكل الجمالي المنشود لها من حكومتنا الرشيدة ومن كل أهاليها لتكون خالية من كل تلك المشكلات في العام 2030 ، حيث إلى اليوم لم نجد أي تكامل في البنية التحتية للأحياء الموجودة على أرض الواقع، بل نجد مشاريع الحفر والردم والإغلاق لها متكررة بشكل ملفت لا يراوح مكانه.

هذا ناهيك عن ضعف إدارة الفعاليات الترفيهية التي يتوقعها الساكن في  مدينة جدة  وكذلك الزائر، والتي يطمح إليها أسوة بمشاريع الترفيه في كل من الرياض والعلا كمثال، والمعروف أن  مدينة جدة  بوابة الحرمين الشريفين ووجهة سياحية كبيرة للملايين من الزوار والمعتمرين والسائحين.

نقدر جهود المسؤولين القائمين على وضع الحلول ومدى كبر همومهم في تصحيح المشاكل التي تعرضت لها مدينة جدة، ونعلم أنهم تحت ضغوط سكانها ومن قبل القيادة الرشيدة في حثهم إلى إنهاء تلك المشاكل في المدة الزمنية المحددة لعودة جدة إلى كونها عروس البحر الأحمر، وكل ذلك لا يتأتى لهم إلا بقوة القرار، ودقة الرقابة، والاعتماد على متخصصين يتميزون بالفعالية المطلوبة لأجل تحقيق الإلتزام بتنفيذ العقود المبرمة للمشاريع المقامة وتقييم الأداء لهم وتشديد العقوبة على المقاولين ونوعية ومؤهلات تخصص العمالة التي تباشر هذه المشاريع.