

لواء م عبد الله ثابت العرابي الحارثي
بقلم - لواء.م/ عبدالله ثابت العرابي الحارثي
عندما وضع الملك عبدالعزيز آل سعود قدمه الأولى في رحلة استعادة ملك آبائه وأجداده، لم يكن يحمل في قلبه سوى حلم كبير ورؤية طموحة.
كان يعلم أن توحيد هذه القبائل المتفرقة وبناء دولة حديثة على أسس متينة هو السبيل الوحيد للنهوض بشعب الجزيرة العربية من غياهب التخلف والفرقة إلى مستقبل مشرق.
تلك الرحلة لم تكن سهلة؛ لكنها كانت الأساس الذي أقيمت عليه المملكة العربية السعودية، التي أصبحت اليوم قوة اقتصادية وسياسية عالمية.
واليوم، وبعد ما يقرب من قرن من الزمن، يقف على رأس القيادة شاب بنفس الطموح، لكن برؤية مختلفة ومتكاملة مع رؤية المؤسس.
الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، يبني على إرث عظيم ولكنه يضع لمساته لتأسيس دولة حديثة قادرة على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين.
رؤية 2030 ليست مجرد خطة اقتصادية، بل هي حلم مستقبلي يشبه في جرأته وطموحه حلم الملك عبدالعزيز، ولكنه يرتكز على أسس جديدة تتناسب مع المتغيرات العالمية السريعة.
وفي هذا السياق، تأتي كلمات الأمير محمد بن سلمان لتلهب مشاعر الشعب وتدفعهم نحو العطاء والبناء؛ عندما قال "أنا بدون الشعب السعودي لا شيء"، عبّر عن إدراكه العميق بأن القوة الحقيقية للمملكة تكمن في شعبها، وأنهم "أغلى ما نملك".
تلك العلاقة الوثيقة بين القيادة والشعب هي ما يصنع الفارق في مسيرة النهوض ،فقد ألهب الأمير همة الشعب، مؤكداً أنهم يمتلكون طموحًا شامخًا "مثل جبل طويق"، وهو ما جعلهم شركاء في صناعة مستقبل وطنهم.
هذا التلاحم بين القيادة والشعب، يتجلى في شعار اليوم الوطني "نحلم ونحقق".
ليس مجرد عبارة، بل فلسفة متأصلة في روح السعوديين، "رؤية 2030"، التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان ليست سوى ترجمة واقعية لهذا الشعار، حيث تُبنى على طموح لا حدود له وإنجازات تنموية، اقتصادية، واجتماعية ملموسة.
ما يفعله الأمير محمد بن سلمان اليوم، هو تأسيس لمملكة جديدة لا تقل أهمية عن مرحلة التأسيس الأولى.
على الصعيد المحلي، قاد إصلاحات اجتماعية جريئة، مثل تعزيز حقوق المرأة وتمكين الشباب، وفتح آفاق جديدة في مجالات الثقافة والفنون والترفيه.
كما أحدث ثورة اقتصادية بتنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط، عبر مبادرات مثل "نيوم" و"البحر الأحمر" و"القدية" التي تعتبر مشاريع تنموية عالمية.
وعلى الصعيد الدولي، نجح الأمير في خلق توازنات دقيقة وحساسة في بحر متلاطم من المصالح الدولية المتقاطعة. فبين القوى العظمى التي تتنافس على النفوذ، تمكنت السعودية من الحفاظ على استقلالية قراراتها وصياغة سياسة خارجية تعزز مكانتها كقوة إقليمية وعالمية.
لم يكن ذلك مجرد نجاح سياسي، بل هو نتاج حنكة دبلوماسية وقدرة على قراءة المشهد الدولي بشكل دقيق، مما جعل المملكة محورًا للتوازن في المنطقة والعالم.
بين حلم الملك عبدالعزيز في استعادة ملك أجداده وتوحيد البلاد، ورؤية الأمير محمد بن سلمان في الانتقال بالمملكة إلى عصر جديد من التنمية والتحديث، نجد أن المسيرة واحدة، والطموح واح، وهي :"تأسيس مملكة عظيمة قوية مستقرة، قادرة على أن تكون في طليعة الأمم".
نحن لا نشهد تطورًا عابرًا، بل تأسيسًا جديدًا لدولة حديثة تعزز إرث الماضي وتنطلق نحو مستقبل مزدهر.

