

لواء م عبد الله ثابت العرابي الحارثي
بقلم - اللواء م/ عبدالله ثابت العرابي الحارثي
في عصرنا الحالي، تعتبر مهارة التفاوض من الضرورات الأساسية حتى للأفراد في حياتهم اليومية. كثيراً ما يُعتقد أن التفاوض محصور في القضايا الكبيرة وبين الدول والشركات، وأنه عبارة عن فوز طرف على الآخر. لكن الحقيقة تختلف، فالتفاوض وسيلة مبتكرة تُشعر الطرفين عند مغادرة طاولة التفاوض بأن كليهما قد فاز. الواقعية والعدالة والتنازل ومبدأ "أحب لغيرك ما تحب لنفسك" هي مبادئ أصيلة في التفاوض.
عند الجلوس على مائدة التفاوض، من المرجح أنك تسعى لتحقيق ما يسعى إليه الطرف الآخر. هنا تتجلى مهارات التفاوض القوية، وتبرز حين يشعر الطرف الآخر بأنه المنتصر، بينما في الواقع تكون قد حققت أهدافك.
إليكم بعض الأسئلة المهمة حول أهمية مهارات التفاوض في الحياة اليومية، وإجاباتها:
1-هل الإنسان الفرد في حاجة إلى تعلم مهارات التفاوض؟
الإنسان الفرد يحتاج إلى تعلم مهارات التفاوض لأنها تساعده على الوصول إلى حلول مرضية في مختلف جوانب حياته، سواء في العمل أو في الحياة الشخصية. فمهارات التفاوض تمكّن الأفراد من تحقيق أهدافهم بطرق تعاونية وبناءة، وتعزز من قدرتهم على التواصل الفعال مع الآخرين.
2-هل حياتنا اليومية وعلاقتنا بالآخرين تحتاج أن نكون مهارين في التفاوض للحصول على حقوقنا؟
بالتأكيد، في حياتنا اليومية نواجه العديد من المواقف التي تتطلب التفاوض. سواء كان ذلك في العمل، أو في العلاقات الأسرية، أو حتى عند التسوق. التفاوض الفعّال يساعدنا على الحصول على حقوقنا بطريقة عادلة ومتوازنة، ويعزز من فهمنا واحترامنا للآخرين، مما يخلق بيئة من التعاون والانسجام.
3-هل الأزواج في حاجة لمهارة التفاوض لحل مشاكلهم؟
نعم، الأزواج يحتاجون إلى مهارة التفاوض لحل مشاكلهم. التفاوض يمكنهم من فهم وجهات نظر بعضهم البعض والتوصل إلى حلول ترضي الطرفين. يمكن أن يقلل التفاوض من النزاعات ويعزز من العلاقة الزوجية من خلال التواصل الفعّال والتفاهم المتبادل، مما يسهم في بناء علاقة زوجية مستدامة تعمها السكينة والطمأنينة. كم من المشاكل الزوجية التي أفضت إلى الطلاق، لو قُيِّض لها وسطاء ومصلحين لديهم مهارة التفاوض، ما حصل الطلاق.
4-هل المتخاصمين والمصلحين في حاجة لتعلم مهارة التفاوض؟
لا شك أن المتخاصمين والمصلحين يحتاجون إلى تعلم مهارة التفاوض. المتخاصمون يمكنهم من خلال التفاوض الوصول إلى حلول سلمية مرضية للطرفين. بينما المصلحون يمكنهم استخدام مهارات التفاوض لتسهيل عملية المصالحة بين الأطراف المتنازعة بطرق تذيب المشاكل والنزاعات وتخلق مساحة لإمكانية التصالح في سماء الخلافات من خلال إعادة بناء الثقة بين الأفراد.
5-هل لتعلم مهارة التفاوض دور في حل الخصام والمشاكل؟
تعلم مهارة التفاوض له دور كبير في حل الخصام والمشاكل. التفاوض يتيح للأطراف المعنية فرصة للتعبير عن احتياجاتهم ومخاوفهم ومتطلباتهم وأهدافهم، ويساعد في الوصول إلى حلول تُرضي الجميع. بالإضافة إلى ذلك، يعزز التفاوض من الفهم المتبادل ويقلل من التوتر والعداوة، مما يجعل من التفاوض أداة قوية لتحسين العلاقات وحل النزاعات.
يجب تصحيح ثقافة غير دقيقة بأن التفاوض يفضي إلى وجود كاسب وخسران. هذا فهم يجب أن يتغير في ظل ظروف الحياة ومتغيراتها الكثيرة. المفاهيم والقيم الأساسية والثابتة للتفاوض هي الحل الناجع لكثير من المشكلات والنزاعات التي تحدث ضمن سيرورة الحياة.وذلك من خلال الإيمان بأن التفاوض يمكن أن يكون فيه حل لكثير من المشكلات، وليس بالضرورة أن تكون نتائجه فائز ومهزوم ، بل يمكن أن يكون هناك مساحة جميلة يتم التوصل فيها إلى حلول ترضي الأطراف.
إن مهارة التفاوض في الحياة اليومية تُعد أداة قوية لتحسين العلاقات وحل النزاعات بطرق سلمية وبناءة. التفاوض ليس فقط للفوز بالقضايا الكبيرة، بل هو مهارة حياتية ضرورية لتحقيق النجاح والتوازن. كم من المشاكل والقضايا التي تحلى أصحابها بمهارة التفاوض قد أفضت إلى حلول ترضي الطرفين؟ وكم من المتخاصمين خسروا الوصول إلى حلول مرضية فيما بينهم بسبب عدم امتلاكهم لمهارة التفاوض؟ التفاوض الفعّال يمكن أن يكون الفرق بين الصراع المستمر والسلام الدائم، بين الفشل والنجاح. إنه مهارة حياتية ضرورية لتحقيق النجاح والتوازن في مختلف جوانب الحياة.

