

جيلان النهاري
بقلم الكاتب | جيلان النهاري
ما يزيد عن مائة عام من الخدمات الصحية في الحج التي سخرتها حكومات المملكة العربية السعودية المتتالية في الإمكانيات المالية والمادية والخبرات البشرية الممتدة عبر قرن من الزمان إلى يومنا هذا في حج العام 1445هـ.
جاء الملك عبدالعزيز - رحمه الله -، ليضع البصمة الأولى في تأسيس الخدمات الصحية المقدمة للحجاج بصدور مرسوم ملكي في عام 1343هـ في عهده - طيب الله ثراه - الذي تضمن ضرورة إنشاء مديرية الصحة العامة على أن يكون مقرها الرئيسي في مكة المكرمة، فقد مرت الخدمات الصحية المقدمة للحجيج في مواسم الحج كل عام على العديد من الدراسات والخطط التطويرية التي تمت بتوجيهات وقرارات حكامنا عبر ما يزيد عن مائة عام.
فمن تأسيس نقاط إسعاف عام 1344هـ في منى ومزدلفة وعرفات، وكانت نقطة مزدلفة تتكون من 6 خيام، و3 أزيار للماء، وعدد من العاملين الصحيين من أطباء ومساعدين وممرضين، وما يلزم من أدوية وخدمة كافية، و 3 مراكز إسعاف في عرفات، ويتألف كل مركز من عشر خيام، وطبيب مع الممرضين، والخدمة اللازمة و 6 أسرّة في ذاك العام، نحن اليوم موسم هذا العام 1445هـ نرى في الخدمات الصحية في الحج ينخرط الآلاف من العاملين الصحيين يعكفون على خدمة الحجاج يصل تعدادهم إلى ما يزيد عن 33000 عامل صحي مؤهل من أطباء في جميع التخصصات الطبية النادرة والأخصائيين المساعدين وهيئة التمريض المشاركين من جميع المؤسسات الصحية الحكومية والأهلية ومن المتطوعين أصحاب الخبرات المهنية المكتسبة لهم إداريا وصحيا عبر مساهماتهم في مواسم الحج عبر سنين خدماتهم في وزارة الصحة الذين واكبوا التطور السريع.
اهتمت حكومة خادم الحرمين الشريفين بصحة الحجيج منذ توافدهم إلى منافذ المملكة العربية السعودية البرية والبحرية والجوية، حيث جندت قدراتها في المجال الصحي وإمكانياتها وقواها البشرية العاملة المتخصصة في المجال الصحي وتوزيعها بكل دقة على هذه المنافذ حتى في وسط المناسك حيث تم بناء وتجهيز المراكز الصحية، والتجهيزات الإسعافية، والمستشفيات المجهزة بأكبر الأقسام الفنية الصحية من أقسام الطوارئ وغرف العمليات الصغرى والكبرى والدقيقة، وتسخير كل ذلك في خدمة ضيوف بيت الله الحرام والحج لأجل تمكين الحجيج من تأدية فريضتهم وهم يتمتعون بالعناية والرعاية الصحية الكاملة.
تعودنا على ذلك كل عام لتجد المشاركة الفعالة من غالب الكوادر الصحية من جميع مناطق مملكتنا الحبيبة مشاركين بكل حب وتفاني تلبية لتوجيهات القيادة الكريمة وإقتداءًا بهم في تقديم كل ما يضمن سلامة صحة الحجاج كل عام، حيث تساهم في ذلك العديد من القطاعات الصحية كل حسب ما يتمتعون به من خبرات وقدرات علمية وعملية:
وزارة الصحة وهيئة الهلال الأحمر السعودي بكوادرها الطبية المتنوعة التخصص، وكذلك هيئة الصحة العامة [وقاية] وهي الجهة المخولة بإعداد الدراسات والرصد الاستباقي في رفع الجاهزية العامة للاستجابة لطوارئ الصحة العامة والوقاية من التعرض للإصابة بالأمراض المعدية وغير المعدية وكذلك الإصابات الناتجة عن ضربات الشمس وإصدار البروتوكولات الوقائية لها ورصد مخاطر الصحة العامة في الميدان والإشارة إليها، مع أخذ الحلول والتدابير المناسبة في مواجهتها، والتثقيف والتوجيه المستمر،
وكذلك مشاركة هيئة الغذاء والدواء السعودية في مراقبة كل ما يتعلق بسلامة وصحية الأغذية وضمان ملائمتها لهم لتجنب أي أضرار قد يتعرض لها الحجاج نتيجة أي إهمال في تقديم تلك الأغذية لهم، وكذلك مطابقة التجهيزات الطبية والأدوية للمعايير المعتمدة لديهم والمقدمة للحجاج، والمساهمة الكبيرة من المركز الوطني لإدارة الأزمات والكوارث في رصد كل صغيرة وكبيرة للتأكد من الجاهزية الكاملة لجميع تلك القطاعات الصحية لهذا الحدث الإسلامي المبارك.

