

لواء م عبد الله ثابت العرابي الحارثي
البيوت المطمئنة. المدمن.. يعكر صفوها
أصبح عيدنا هذا العام عيدين بعد أن تناقلت الأخبار بدء عمل الحملة الوطنية للحرب على المخدرات بتوجيه كريم من سيدي ولي العهد ومتابعة سمو وزير الداخلية (حفظهما الله) وتشارك كافة قطاعات الدولة في تنفيذها، القطاعات الأمنية والجمارك والنيابة العامة والجهات الحكومية ذات العلاقة بالدعم والمساندة الإدارية.
وقد لاحظنا وشاهدنا بفضل الله نجاح الحملة على مستوى العمليات الميدانية في الداخل وعلى الحدود كما شهدنا تفاعل المواطنين وكافة المنصات الإعلامية في دعمها ومؤازرتها وتغطيات نشاطاتها وهو أمر إيجابي يعزز الإسراع بإذن الله في تحقيق أهم مستهدفاتها.. وطنٌ خالٍ من المخدرات.
والمتابع لهذه الحملة يدرك أنها حملة لن ترضى بأنصاف الحلول ولن ترضى بغير الحزم والقوة في تنفيذها فمن أمر بتنفيذها هو سيدي ولي العهد (أيده الله) الذي يراهن على دور المواطن وبالذات الشباب ويرى أنهم حجر الزاوية الأهم والمهم في تحقيق رؤية المملكة2030، ولن يتأتى ذلك بوجود هذه الآفة الخطيرة والمدمرة لفكر وصحة وسلامة شبابنا.
ونرجو أن يكون للمؤسسات الإعلامية بكافة مكوناتها دور أكبر وأبعد من تغطيات نشاطات وإنجازات الحملة من خلال أعمال إعلامية استقصائية نوعية تهدف إلى البحث عن الأسباب واستقصاء ما وراء هذه الكميات المهولة التي يتم ضبطها على الحدود في مدد وجيزة وأحداث متسلسلة كانت لها الجهات الأمنية والرقابية والتي كشفت مدى تنوع طرق الخبث وأساليب الاحتيال وتعدد وتجدد أنواعها والغش في موادها ومحتواها المدمر مما جعل إمكانية الإدمان من أول تعاط وكأنها تصنع خصيصا للمجتمع السعودي.
وتكشف الحملة في كل يوم ما يصاحب هذا التهريب من خبث ومكر في طرق وأساليب تهريبها مما يؤكد على أن هناك حربا قذرة تشن على وطننا موجهة لأعز ما يملك شبابه . لذا فهي أبعد ما تكون عن أن ورائها أفرادا يسعون للربح المالي السريع، بل إن ورائها أطراف دولية وإقليمية لا يروق لها ما تعيشه هذه البلاد من رخاء واستقرار وتطور وحضور عالمي مذهل لذلك نراها تسعى بكل الوسائل لإغراق مجتمعنا بهذه الكميات المخيفة مما يستوجب تعريتهم وكشفهم للرأي المحلي والعالمي،
وهنا يأتي الدور المأمول لمؤسسات المجتمع المدني والكتاب والمفكرين والمثقفين والمساجد والمدارس والجامعات والمراكز البحثية المساهمة مع الجهات الحكومية في إعداد الدراسات البحثية للوقوف على أسباب الإدمان في مجتمعنا والفئات والمكونات المستهدفة والأعمار الخطرة التي تبدأ فيها مراحل الإدمان وأكثر أنواع المخدرات إنتشارا والسبل المثلى للوقاية والمعالجة.
وهناك أمر آخر مهم وخطير وأراه في حكم المسكوت عنه بحكم حساسيته لدى الأسر يجب أن تركز عليه هذه الدراسات واستطلاعات وسائل الإعلام ألا وهو ما هي الطرق والوسائل التي يمكن أن نساعد بها الأسر التي تقطعت بهم السبل ويعانون من وجود مدمنين في بيوتهم وانعكاسات ذلك على سمعتهم وصلاح بقية أبنائهم والحالات النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي يسببها المدمنين لأسرهم وكيف أن هذه الأسر تقف عاجزة حائرة خوفا من انتشار خبر أن ببيتهم مدمنا يقابلها حرصهم ورغبتهم معرفة الطرق المثلى للتعامل مع المدمن وكيفية معالجته وكيف يتقون شره وما يسببه لهم من مشاكل يومية تكسر عاتقهم وتثقل عليهم تصل في بعض الحالات إلى أن يقوم المدمن ببيع سياراتهم وأثاث منازلهم وممتلكاتهم الشخصية بل يصل الحال مع بعض الأسر إلى ما هو أبعد من ذلك تهديد حياتهم.
ولعل حلقة طاش العودة قد مثلت هذا الواقع المؤلم والمأساوي بصورة رائعة ومؤثرة مما جعلها تجد قبولًا وأثرا وثناء المجتمع وهو ما أكده ودونه معالي وزير الإعلام عبر حسابه على تويتر.
ونتمنى من وزارة التعليم القيام بأدوار مهمة في تخصيص بعض الأوقات خلال اليوم الدراسي طوال الأيام القادمة في توعية وتثقيف طلابهم بالتنسيق مع وزارة الداخلية وإقامة المحاضرات والمعارض كما أن هناك دورًا لا تقل أهمية لأئمة المساجد في تخصيص الخطب لتثقيف وتوعية الناس والتركيز على الجانب الشرعي والوازع الديني في التعريف بنتائج المخدرات الكارثية على الأسر والمجتمع،كما نتمنى أن نرى المعارض في كافة الأسواق والمجمعات التجارية وفي برامج وفعاليات الهيئة العامة للترفيه القادمة وبالذات المهرجانات الغنائية التي يكون جل مرتاديها وزوارها والمشاركين فيها من فئة الشباب.
والحقيقة أن الدولة (أيدها الله) ممثلة بوزارة الداخلية وباقي الجهات الحكومية المعنية حريصة وقامت وما زالت تقوم بأدوار كبيرة وعظيمة لكنها أعمال وجهود تبقى في حاجة إلى أدوار مساندة نابهة وغير تقليدية من كافة الجهات الحكومية والخاصة كل حسب اختصاصه ومسؤولياته وصلاحياته ليسهموا ويساهموا في تعزيز الدور الوقائي وعمليات الضبط والمعالجة وأيضا تضافر الجهود بين المعنيين لخلق القصص من واقع المدمنين التائبين أو ممن يتم علاجهم في مستشفيات الأمل ،ليشاهد الشباب واقع المدمن وما يتعرض له من ألم ووجع وتعذيب نفسي ودمار لصحته ومستقبله كما هو من أرض الواقع وتقديمها لهم بمحتوى وبقوالب جاذبة ومحفزة وعبر الوسائل والوسائط الإعلامية التي يحبونها ويفضلونها ويتابعونها ومثل هذا النوع من التوعية أثره ونجاحه بإذن الله أكبر وأمضى.
كما أننا نعول كثيرا على دور فاعل لأهل الخير والقطاع الخاص الصحي في إنشاء مراكز لعلاج الإدمان (غير ربحية) فأغلب المراكز الخاصة تتواجد في الدول بعض دول الجوار وتكون تكاليفها عالية لا يستطيع عليها أغلب أولياء أمور المدمنين إضافة إلى أن تلك المراكز تمارس الخبث في تسريب المخدرات إلى داخلها من أجل أن يعود لهم المتعاطي والمدمن مرات ومرات.
وأتمنى أن تأخذ صحيفتنا صحيفة النهار السعودية بزمام المبادرة في خلق مبادرات وبرامج وفعاليات إعلامية واجتماعية وإنسانية خلاقة تساهم في دعم ومؤازرة هذه الحملة المباركة.
نسأل الله تعالى التوفيق والسداد للقائمين عليها وأن تحقق مستهدفاتها وأن يحمى الله هذا الوطن وشبابه من شرور أعدائه.
لواء م عبد الله ثابت العرابي الحارثي

