








المحرر الثقافي محمد الحارثي
الشاعرة الكبيرة الفلسطينية الراحلة فدوى طوقان إحدى رائدات الشعر الحر في الوطن العربي هذه الشاعرة تستشعر في هذه النصوص الشعرية معاناة طبقة الفقراء ومدى البؤس التي تعيشة هذه الطبقة في المجتمع وفي نفس الوقت هي تتسأل عن الحكمة في فقر الفقير وغنى الغني وكيف تتزامن الفاقة مع الإسراف والبذخ في زمان وعالم واحد تقول في هذه التناقضات في قصيدتها "سنابل القمح" :
أوت الى الحقل كطيف كئيب
يرسو بعينها أسى غامر
في روحها اللهفى اضطراب غريب
وقلق مستبهم ، خائر . . .
تأملت في السنبل الوادع
يموج في الحقل زكيّا نماه
تكاد في سكونها الخاشع
تسمع في السنبل نبض الحياه
ومدَّتْ الأفكَارُ أظلالَهَا
فلَمْ تَزَلْ شَاخِصةً في وجومْ
مَن أبصرَ استغراقَهَا خَالَها
مَخبولة تَهيمُ فوقَ الغيومْ
كانتْ تُناجي مَا وَراء الفَضاء
قوى القَضاء الغَامِضِ المُبهمِ:
مَن يُمطِرُ الرِّزقَ عَلى ذِي الثَّراءِ.
ويُمسكُ الرِّزقَ عَن المُعدَمِ؟
كَم بائسٍ، كَم جَائعٍ، كَم فَقير.
يَكدَحُ لا يَجني سِوى بؤسِه!
ومُترفٍ يَلهو بدُنيا الفُجورِ
قَد حَصرَ الحَياة في كَأسِه!
أرحمه الله بعليا سماء
تقول أن يكتظّ جوف الثري ؟!
ويحرم المعوز قوت الحياة
في عيشه المضطرب الأعسر
أليس في قدرته القادره
أن يمسح البؤس ويمحو الشقاء !
أليس في قوّته القاهره
أن يغمر الأرض بعدل السماء !
وراعها صوت عميق مثير
جلجل فيها مثل صوت القدر :
لم تحبس السماء رزق الفقير
لكنه في الأرض ظلم البشر . .
وأطرقت ، نهباً لشك مريب
يملؤها منه أسىً غامر
في روحها اللهفى اضطراب غريب
وقلق مستبهم ، حائر!..

